في رحاب المولد النبوي ص – الشيخ حسين الكوراني رحمه الله
يأتي المولد النبوي الشريف كواحدة من أعظم المناسبات الإسلامية التي يحتفل بها المسلمون حول العالم. إنه ليس مجرد يوم للفرحة والاحتفال، بل يمثل فرصة عظيمة لتجديد العهد مع سيرة النبي الأكرم محمد صلى الله عليه وآله، وتصحيح العقائد المرتبطة به وبأهل بيته عليهم السلام. ومن هذا المنطلق، يجب علينا أن نأخذ من هذه المناسبة مناسبة للتأمل والتدبر في سيرته ونهجه.
أهمية المولد النبوي الشريف
المولد النبوي الشريف هو يوم ميلاد النبي محمد صلى الله عليه وآله، خاتم الأنبياء والمرسلين، الذي جاء ليكون هادياً ومعلماً للبشرية. بفضل وجوده صلى الله عليه وآله اهتدت الأمم إلى صراط الله المستقيم، وانفتحت أبواب الرحمة الإلهية. ومن هنا، يجب أن نعتبر هذا اليوم عيدًا إسلاميًا يجدد فينا معنى الهداية والرحمة.
لكن دورنا لا يقتصر على الاحتفال فقط، بل يجب أن نستخدم هذه المناسبة لتصحيح بعض المفاهيم والمعتقدات المتعلقة بالنبي صلى الله عليه وآله. فتصحيح العقيدة جزء أساسي من الإيمان الصحيح، وبه نقترب من النبي وأهل بيته عليهم السلام، طمعًا في نيل رضا الله تعالى والدخول في جنته.
تصحيح العقيدة حول النبي الأكرم وأهل بيته
من المفاهيم المهمة التي يجب تصحيحها هو الاعتقاد بأن النبي صلى الله عليه وآله وأهل بيته عليهم السلام هم أول مخلوقات الله. في الحديث المشهور عن النبي صلى الله عليه وآله عندما سأله الصحابي جابر بن عبد الله الأنصاري عن أول ما خلق الله، أجاب النبي صلى الله عليه وآله: “نور نبيك يا جابر، خلقه الله ثم خلق منه كل خير”. هذا الحديث يعكس الحقيقة الروحية العميقة للنبي محمد صلى الله عليه وآله وأنه كان نورًا قبل الخلق، وأنه بوجوده تجلت رحمة الله للبشرية.
بالتالي، يجب علينا أن نعتبر سيرة النبي الأكرم صلى الله عليه وآله ليست فقط منذ ولادته في مكة المكرمة، بل بدأت قبل ذلك بوجوده الروحي. وهذا الاعتقاد يزيدنا حبًا وتعلقًا بالنبي صلى الله عليه وآله، ويفتح أمامنا آفاقًا جديدة لفهم الدين والحقيقة الإلهية.
ضرورة الجمع بين حب النبي وأهل بيته
من الأخطاء الشائعة التي ينبغي تصحيحها هو الفصل بين حب النبي صلى الله عليه وآله وحب أهل بيته عليهم السلام. فالقرآن الكريم والأحاديث النبوية تشير بوضوح إلى أن حب النبي وأهل بيته لا يتجزأ، وأن حب أحدهما لا يغني عن الآخر. يقول النبي صلى الله عليه وآله: “إني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي أهل بيتي”، مشددًا على الارتباط الوثيق بين الكتاب والعترة.
الاعتقاد بأن حب النبي يكفي دون حب أهل بيته أو العكس هو اعتقاد ناقص يجب تصحيحه. النبي وأهل بيته هم نور واحد، ولا يمكن تفضيل أحدهم على الآخر، بل إن حبهم جميعًا يقربنا من الله ويثبت أقدامنا على الصراط المستقيم.
خاتمة
في الختام، يجب أن يكون المولد النبوي الشريف مناسبة ليس فقط للاحتفال، ولكن أيضًا للتأمل في سيرة النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وأهل بيته عليهم السلام، والعمل على تصحيح المعتقدات التي قد تكون تعرضت للتحريف أو النقص. بتصحيح هذه العقائد وتوحيد حب النبي وأهل بيته، نكون قد اقتربنا أكثر من الهداية الربانية وحققنا الفهم الصحيح للإسلام.
مواضيع مشابهة
أصفياء الرحمن – 43- آداب المولد النبوي الشريف
زيارة يوم ميلاد النبي (ص) – الزيارة الثانية المخصوصة لأميرالمؤمنين (ع)
