دروس من سورة الدهر – الشيخ حسين الكوراني رحمه الله
إن سورة الإنسان (الدهر) نزلت في حق أهل البيت عليهم السلام، وفيها صورة عن إيثار أصحاب الكساء عليهم السلام، وفي تلك الصورة أيضاً حث للمؤمنين على خلق الإيثار وإن لم يكن بالشكل الذي صور في تلك الآية الكريمة.
فنعم من المستحب أن يكون المؤمن زاهداً ويؤثر غيره على نفسه لكن ليس بالشكل الذي يدع نفسه خالي اليدين خاصة إن كان له عيال مسؤول عن نفقتهم.
فإن الإمام الصادق عليه السلام دخل عليه سفيان الثورة ووجد عليه ثيابا بيضا فقال له: إن هذا اللباس ليس من لباسك، فقال له: ” اسمع مني وع ما أقول لك فإنه خير لك عاجلا وآجلا إن كنت مت على السنة ولم تمت على بدعة، أخبرك أن رسول الله كان في زمان مقفر جدب وها قد أقبلت الدنيا يملكها مؤمنوها ومسلموها لا كفارها ومنافقوها، فما أنكرت يا ثوري؟ فوالله أني مع ما ترى ما أتى عليّ منذ عقلت، صباحا ولا مساء ولله في مالي حق أمرني أن أضعه موضعا إلا وضعته.
إن الزهد في الإسلام ليس معناه ترك الدنيا إنما معناه الاقتصار على ما يحتاجه هو وأسرته من الحلال، فكما من الخطأ أن ينفتح الإنسان على الدنيا دون مراعاة الحلال والحرام، كذلك من الخطأ أن ينفتح عليها بحلالها أيضاً، لأن الإنسان الذي يدمن على حب الدنيا ولو بحلالها، لو ضاق عليه يوماً رزقه بالحلال، لكان ذلك دافعاً له إلى كسب المال الحرام ليسد به ما أعتاد عليه من الترف.