من مواعظ الإمام الصادق عليه السلام – الشيخ حسين الكوراني رحمه الله
من لطائف الله عز وجل أن فترة إمامة الصادق عليه السلام كانت متوترة سياسيا، فكان الحكام في عصره منشغلون عنه وعن التضييق عليه كما حصل مع الأئمة من قبله وبعده، هذا الأمر الذي ساعده عليه السلام على نشر علومهز
حيث بلغ عدد تلاميذه وعدد المحدثين عنه الآلاف، بل حتى إن دول الغرب المتقدمة إنما مدينة بعلمها لجابر بن حيان الذي هو في الحقيقة تلميذ الصادق عليه السلام.
فمن مواعظ الإمام الصادق عليه السلام لعوان البصري: ليس العلم بالتعلّم إِنما هو نور يقع في قلب من يريد اللّه تبارك وتعالى أن يهديه، فإن أردت العلم فاطلب أوّلاً في نفسك حقيقة العبوديّة واطلب العلم باستعماله واستفهم اللّه يفهمك.
ومن مواعظ الإمام الصادق عليه السلام للبصري عندما سأل الإمام عن حقيقة العبودية أنه قال: حقيقة العبوديّة ثلاثة أشياء:
ألا يرى العبد لنفسه فيما خوّله اللّه مُلكاً، لأن العبيد لا يكون لهم مُلك، يرون المال مال اللّه يضعونه حيث أمرهم اللّه به ولا يدبر العبد تدبيراً، وجملة اشتغاله فيما أمره اللّه تعالى به ونهاه عنه، فإذا لم يرَ العبد لنفسه فيما خوّله اللّه تعالى مُلكاً هانَ عليه الانفاق فيما أمره اللّه تعالى أن ينفق فيه.
وإِذا فوّض العبد تدبير نفسه على مُدبّره هانت عليه مصائب الدنيا وإِذا اشتغل العبد بما أمره اللّه تعالى ونهاه لا يتفرّغ منهما الى المراء والمباهاة مع الناس.
فإذا اكرم اللّه العبد بهذه الثلاث هانت عليه الدنيا وابليس والخلق، ولا يطلب الدنيا تكاثراً وتفاخراً، ولا يطلب ما عند الناس عزّاً وعلوّاً، ولا يدع أيامه باطلاً، فهذا أول درجة التقى.
قال اللّه تبارك وتعالى: ﴿تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾.