دروس كم كلمات الإمام الكاظم عليه السلام – الشيخ حسين الكوراني رحمه الله
التواضع والرفعة
قال الإمام عليه السلام: “يا هشام ما من عبد إلا وملك آخذ بناصيته فلا يتواضع إلا رفعه الله، ولا يتعاظم إلا وضعه الله”.
هذا الجزء من الحديث يشير إلى أن التواضع سلوك ممدوح يعقبه رفعة من الله تعالى، بينما التعاظم والكبر يؤديان إلى الهوان. الإسلام يحثّ على التواضع كصفة تعكس وعي الإنسان بضعفه أمام الله وتعامله الحسن مع الآخرين.
الحجة الظاهرة والباطنة
قال الإمام عليه السلام: “يا هشام إن لله على الناس حجتين: حجة ظاهرة، وحجة باطنة، فأما الظاهرة فالرسل والأنبياء والأئمة (عليهم السلام)، وأما الباطنة فالعقول”.
في هذا الجزء، يُبرز الإمام دور الأنبياء والأئمة كمرشدين للناس، ويُبين أن العقل هو الحجة الباطنية التي وهبها الله لكل إنسان. العقل أداة للتفكر والتمييز بين الحق والباطل.
صفات العاقل
“يا هشام إن العاقل الذي لا يشغل الحلال شكره، ولا يغلب الحرام صبره”.
العاقل وفقًا للإمام هو من يوازن بين شكر الله على النعم التي أحلها، والصبر على الابتلاءات والمغريات المحرمة. هذا المبدأ يساعد الإنسان على تحقيق الاتزان في حياته.
أثر الهوى على العقل
قال الإمام عليه السلام: “يا هشام من سلط ثلاثا على ثلاث فكأنما أعان هواه على هدم عقله : من أظلم نور فكره بطول أمله، ومحا طرائف حكمته بفضول كلامه، وأطفأ نور عبرته بشهوات نفسه فكأنما أعان هواه على هدم عقله ومن هدم عقله أفسد عليه دينه ودنياه.
فالإمام يحذر من ثلاث صفات تهدم العقل:
طول الأمل الذي يظلم نور الفكر بسبب الانشغال بالمستقبل دون العمل للحاضر.
فضول الكلام الذي يمحو الحكمة بسبب التحدث بما لا فائدة منه.
اتباع الشهوات الذي يطفئ نور العبرة بسبب الانغماس في الملذات دون مراعاة الضوابط الشرعية.
الخاتمة
حديث الإمام الكاظم عليه السلام يُعد مرجعًا قيمًا في تهذيب النفس وتزكيتها. التواضع، استخدام العقل كحجة باطنة، والشكر على الحلال والصبر عن الحرام، كلها قيم سامية يجب أن نسعى لتحقيقها. بتجنب الهوى وترويض النفس، يمكننا تحقيق التوازن بين الدين والدنيا.
وإن التفكر في هذا الحديث والعمل به يُعزز من علاقتنا بالله، ويُساهم في بناء شخصية متزنة قادرة على مواجهة تحديات الحياة.