عظمة شخصية علي الأكبر عليه السلام – الشيخ حسين الكوراني رحمه الله
إن علي الأكبر عليه السلام يعتبر تجليا لليقين المحمدي، وإن الانطباع الموجود في النفوس والأذهان عن علي الأكبر أقل من منزلته ومقامه الحقيقي بكثير.
واجبنا أن نؤدي فروض الخضوع والولاء لعلي الأكبر عليه السلام، لأنه في مرتبته يلي مرتبة المعصومين من الأئمة والأنبياء عليهم السلام، فهو من أوائل من وصلوا إلى مرتبة العصمة الواجبة مع عمته السيدة زينب عليها السلام وعمه أبي الفضل العباس عليه السلام.
ولد علي الأكبر عليه السلام بحسب المحقق السيد المقرم عام 33 للهجرة، وتوفي في واقعة الطف الأليمة سنة 61 للهجرة، فيكون عمره عند استشهاده 27 سنة، وكان يكبر إمامنا علي بن الحسين السجاد عليه السلام بحوالي 4 سنين.
لماذا يعرف بالأكبر؟
تقول بعض النقول إن سبب تسميته بعلي الأكبر هو سؤال يزيد بن معاوية لإمامنا زين العابدين عليه السلام لما عرف أن اسمه علي بن الحسين قائلا: ألم يقتل الله علي بن الحسين؟ فأجابه إمامنا السجاد عليه السلام بأنه كان له أخ أكبر منه سنا قتلوه.
وقد يكون لقبه الأكبر لأن اسمه علي وأخوه الأصغر منه اسمه علي أيضا، فللتمييز بينهما سمي أحدهما بالأكبر والآخر الأصغر.
من هي أم علي الأكبر عليه السلام؟
أمه هي السيدة ليلى، وورد في المصادر أنها ليلى بنت أبي مرة بن عروة بن مسعود الثقفي، فأبوها اسمه مرة وجدها عروة، وأبو جدها هو مسعود الثقفي، ومسعود هذا هو نقطة التقاء النسب بين السيدة ليلى والمختار الثقفي الذي خرج في ثورته المعروفة طلبا بدم الإمام الحسين عليه السلام عقب استشهاده.
فالسيدة ليلى هي من قبيلة ثقيف المعروفة في الطائف، والمختار الثقفي هو بن أبي عبيد بن مسعود.
فالسيدة ليلى هي من عائلة معروفة وجليلة وذات مكانة اجتماعية مرموقة، فكان جدها عروة من وجوه مكة قبل الإسلام، وكان من الأثرياء آنذاك، وكان يفرش له قرب الكعبة كما كان يفرش لشيخ البطحاء أبي طالب عليه السلام وأبيه عبد المطلب، وقد استشهد في إحدى معارك المسلمين.
وكان ممن مثل قريشا في صلح الحديبية لوجاهته، وكان هذا التمثيل سبب خير لعروة بن مسعود حيث أسلم، وكان لخبر إسلامه وقع الصاعقة على بعض قومه لوجاهته وموقعه الاجتماعي وعاد إلى الطائف ودعا قومه إلى الإسلام، وصعد على علية (مكان مرتفع) وأخذ يخطب بقومه ويدعوهم إلى الإسلام فرموه بالنبال وأصابه سهم فأصيب إصابة بليغة قبل أن يستشهد.
وكان عروة بن مسعود متزوجا من عشر نساء في الجاهلية، فأخبره النبي صلى الله عليه وآله بأن الإسلام لا يجيز الزواج بأكثر من أربع فطلق منهن وثبت على أربع، ومن هؤلاء الأربع زينب بنت أبي سفيان، ومن هنا كانت القرابة من جهة النساء بين علي الأكبر عليه السلام وآل أبي سفيان وبني أمية، ولذلك أراد الأعداء في واقعة كربلاء أن يفصلوه عن أبيه الإمام الحسين عليه السلام بقولهم (إن لك بأمير المؤمنين رحما ماسة) فأجابهم بشكل قاطع: قرابة رسول الله صلى الله عليه وآله أولى بالرعاية والحرمة من قرابة آل أبي سفيان.
ولم تعرف سنة ولادة السيدة ليلى ولا سنة وفاتها ولا حضورها في واقعة كربلاء من عدمه، وبناء على ذلك فلا يجوز لقارئ العزاء وخطيب المنبر أن يتحدث ويروي أحداثا تتحدث عن حضور السيدة ليلى في كربلاء في واقعة الطف، بل يجب دوما التذكير والتنويه بشكل صريح وواضح لا يحتمل اللبس والتأويل بأنه بناء على الروايات التي تقول بحضورها في واقعة كربلاء والذي لم يثبت، وإلا نكون من الكاذبين الذين يدلسون ويحرفون التاريخ، وهو من المحرمات الأكيدة.
لكن وكما يقول بعض العلماء بأنه إن كان الاحتمال ضعيفا ولكن المحتمل قوي فإن العقل يوجب ترتيب الأثر ولو مع ضعف الاحتمال، فلو جاءك طفل صغير يلعب في حالة سلم وأخبرك بأن تحترس من القناص الموجود في الشارع المجاور فإن احتمال صدق كلامه بناء على الظروف ضعيف جدا قد لا يتجاوز 1%، لكن المحتمل وهو احتمال القنص يعد احتمالا قويا وخطيرا، فالعقل هنا يفرض عليك ترتيب الأثر رغم ضعف الاحتمال لأنك تخشى على نفسك من القتل ولو كانت احتمال هذه الخشية ضعيفا جدا.
مواضيع مشابهة
مجالس الولاء – 69 – الموت في نظر علي الأكبر عليه السلام
أحاديث في ما جرى على الحسين (ع) بعد بيعة الناس ليزيد إلى شهادته