قناة المعارف الفضائية | سراج العلم والفضيلة
فهرس: في محراب كربلاء – الجزء الرابع
آخر برامج من: الشيخ حسين الكوراني (ره)
آخر برامج في قناة المعارف الفضائية

وتحبون المال حبا جما – الشيخ حسين الكوراني رحمه الله

يُعدّ حبّ المال أحد أخطر الأمراض القلبية التي أوردها القرآن الكريم، والتي تسببت في سقوط الكثير من الناس عن خط التوحيد والإيمان. وفي واقعة كربلاء الخالدة، نُشاهد تجلّي هذا المرض في أوضح صوره، حين تخلّى آلاف من أهل الكوفة عن نصرة الإمام الحسين عليه السلام، رغم علمهم بفضله ومكانته، فقط من أجل الدنيا والمكاسب المالية.

وهنا نكشف كيف كان حبّ الدنيا وحب المال هو العامل الأساسي في سقوط من قاتلوا سيد الشهداء في يوم عاشوراء، ونتأمل في الدروس الأخلاقية والتربوية التي يمكن أن نستخلصها من هذه الحقيقة المرّة.

حبّ المال سبب في سقوط أهل الكوفة

في كربلاء يوم العاشر من محرم، مارس جيش بني أمية أبشع أنواع الجرائم، فقتلوا الإمام الحسين عليه السلام ومثّلوا بجسده الشريف، وهجموا على الخيام وأحرقوها، بل همّوا بقتل الإمام زين العابدين عليه السلام رغم مرضه الشديد.

العجيب أن كثيرًا من هؤلاء كانوا قد جاهدوا سابقًا مع الإمام علي عليه السلام، لكنهم سقطوا سقوطًا مريعًا. فما الذي غيّر مواقفهم؟

الجواب: حبّ المال وحبّ الدنيا.

لقد أغرى يزيد أهل الكوفة بالمال والمناصب، فباعوا دينهم، وتخلّوا عن قيمهم، وارتكبوا جريمة العصر بقتلهم لسبط رسول الله صلى الله عليه وآله.

القرآن الكريم يكشف الحقيقة

قال تعالى: (وتحبون المال حبًّا جمًّا) [الفجر: 20]

أي حبًّا مفرطًا طاغيًا يعمي البصيرة، ويجعل صاحبه يُقدّم الدنيا على الدين.

فما أكثر أولئك الذين جعلوا حبّ المال فوق المبادئ، فتحوّلوا إلى أدوات طيّعة في يد الطغاة، كما كان حال أغلب جيش ابن زياد ويزيد في كربلاء.

موقف الإمام الحسين من هذا الانحراف

الإمام الحسين عليه السلام واجههم بالحقيقة، وقال: “إنكم عبيد الدنيا، والدين لعق على ألسنتكم، تدورون معه حيث دار، فإذا مُحّصتم بالبلاء قلّ الديّانون.”

إنها عبارة خالدة تكشف عن جوهر السقوط الأخلاقي والسياسي لأغلب من خذلوا الحسين، وتدل على أن الابتلاء يُغربل الناس، ويفرز الطيب من الخبيث.

لماذا علينا الحذر من حب الدنيا؟

لأن حب المال: يغيّب البصيرة، ويدفع الإنسان لبيع دينه، ثم يمنعه من نصرة الحق، مما يؤدي إلى أن يُفسد النية والعمل، وأخيراً يُسقط صاحبه ولو كان له ماضٍ مشرق.

وقد قال الإمام الصادق عليه السلام: “لو أن بني أمية لم يجدوا من يقتل الحسين لما قتلوه، ولكن الناس باعوهم أنفسهم بالدرهم والدينار فقتلوه.”

الخاتمة: دروس خالدة من كربلاء

واقعة كربلاء لا تزال حيّة في ضمير الأمة، ودرسها الأعظم أن حب الدنيا هو طريق الهلاك، بينما الثبات على الحقّ هو طريق الفتح والفوز.

فإن كنا نريد أن نكون من أنصار الحسين عليه السلام، فعلينا أن نُطهّر قلوبنا من حب المال والتعلّق بالدنيا، وأن نجعل رضا الله وكرامة الحقّ فوق كل مصلحة.

قال الإمام الحسين عليه السلام: “موت في عزّ خير من حياة في ذلّ.”

مواضيع مشابهة

على ضفاف الأربعون حديثاً -28- حب الدنيا والركون إليها

أحاديث في حبّ الدنيا وذمّها