في رحاب أدعية شهر رجب – الشيخ حسين الكوراني رحمه الله
ونحن ننعم ببركات شهر رجب ينبغي أن نتذكر أن نغتنم هذه الفرصة التي لا تتكرر سوى كل عام مرة بالانشغال بالذكر والدعاء، وما أكثر أدعية شهر رجب وأجملها معنى ومضمونا.
وينبغي لنا أن نجعل من شهري رجب وشعبان خير مقدمة لشهر الله المبارك شهر رمضان.
وأعظم المناسبات التي تمر خلال شهر رجب هي ذكرى المبعث النبوي الشريف في السابع والعشرين منه، ولكن شهر رجب عامر بالمناسبات الدينية المهمة، تبدأ بولادة الإمام الباقر والإمام الهادي عليهما السلام ثم شهادة الإمام الهادي عليه السلام، ثم ولادة الإمام الجواد وولادة أمير المؤمنين علي عليهما السلام، ثم شهادة الإمام الكاظم عليه السلام في الخامس والعشرين من رجب.
ومن أهم أدعية شهر رجب وأذكاره قول لا إله إلا الله، ولو اكتفى العبد بقول لا إله إلا الله كل ليلة من رجب ألف مرة لكفاه بقية الأعمال والأدعية في هذا الشهر الأصب.
وهناك جملة من أدعية شهر رجب ما لا ينبغي على المؤمن أن يحرم نفسه من قراءتها، وهي كتناول فاكهة فريدة فيها كل الفوائد والعناصر المغذية لكن هذه الفاكهة لا تعطي إلا ثمرة واحدة كل عام، وهذه هي أدعية شهر رجب.
هذه الأدعية أدوية وعلاجات روحية ونفسية تخرج الإنسان من حالة المادية والانغماس في المادة الذي يعيشه.
ومن أهم أدعية شهر رجب الدعاء بالمأثور المعروف (يا من أرجوه لكل خير وآمن سخطه عند كل شر)، وهذا الدعاء من أهم أدعية شهر رجب وأعلاها شأنا ومعنى ومضمونا.
إن هذا الدعاء يعلمنا بماذا ندعو وكيف ندعو الله وبأي أدب نتوجه إليه، وهو دعاء يدعى به بعد كل فريضة من الفرائض الخمس، ومن فاته هذا الدعاء فقد فاته الكثير في شهر رجب المرجب.
إن كل خير في حياتنا هو من الله، والله تعالى يقول في محكم كتابه الكريم (ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك)، فكل خير ينزل إلينا فهو من الله، وكل شر فهو يصعد من قبلنا إلى الله.
ولكن مع كل ذلك فالله يصبر علينا كما تصبر الأم على مشاغبة ابنها ومشاكسته، فنحن كالطفل الصغير بين يدي أم حنون، بل وإن الله أشد حنانا علينا من أكثر الأمهات حنانا وعطفا، فنحن مع كل ما نفعله من سيئات وتجاوزات فإن الله القادر على كل شيء يصبر علينا ولا يؤاخذنا ويدعونا دوما إلى العودة إليه والتوبة النصوح.
إن صفة العفو الغفور هي أبرز صفة في الخالق جل وعلا، وهذا من باب رحمة الله بعباده، فهو الذي تسبق رحمته غضبه، ولا يؤاخذ بالجريرة ولا يهتك الستر.
إن علينا أن نتعلم من معاملة الله لنا في تربيتنا لأولادنا، وعلى كل مرب ومربية التعلم من الرحمة والغفران التي يوليها الله بعباده كل يوم.
علينا كمربين وآباء وأمهات أن نعلم كيف نربي أولادنا بالرحمة والصفح، فلا ينبغي لنا أن نقف عند كل صغيرة وكبيرة يفعلها أبناؤنا، وهذا لا يعني تركهم يفعلون ما يحلو لهم دون تنبيه ولا توجيه، ولكن في المقابل علينا أن لا نزجرهم بعنف ونوبخهم في كل صغيرة، بل علينا التسامح معهم والعفو عنهم وعن تجاوزاتهم مع بعض التوجيه حتى يألفوا التعامل معنا ولا يتمردوا علينا فتكون نتائج تربيتنا عكسية ولا تؤتي أكلها كما نود ونحب.