دروس من وداع شهر رمضان – الشيخ حسين الكوراني رحمه الله
إن الإنسان العاقل الواقعي لا يرى في نفسه الكمال الروحي والديني بحيث أنه يرى أنه وصل لمرحلة عليا في الإيمان والتقوى،
وهذا ما يسمى بالرضا عن النفس الذي يعد من أشد الأمراض الروحية فتكاً بالإنسان، بل هو أضمن سبيل للشيطان حتى يتمكن من التغلغل في أعماق ابن آدم ويمكنه من التحكم فيه.
على المؤمن أن يعيش في هذا الدنيا بحالة ما بين الخوف والرجاء فلا يرى في نفسه أنه في درجات عليا مع المتقين ولا يرى في نفسه أنه هالك لامحالة،
وهذا ما يفسر حالة العبودية عند أهل البيت عليهم السلام المتجلية في خشوعهم وكثرة سجودهم والتعبيرات الواردة عنهم في أدعيتهم المأثورة.
المؤمن الواعي يبقى على حذر كامل من الشيطان ووساوسه، بحيث لا يدع له مجالاً للاستحواذ عليه،
فما أن تخطر بباله معصية ما أو ما إن يهم بها أو يقدم عليها إلا ذكر الله سبحانه وتعالى واستغفر ربه وتعوذ من الشيطان ومن وساوسه الدنيئة.
عندما نستقبل في الشهر الفضيل نكون بأعلى درجاتنا من الالزام بالطاعات والحرص على تجنب المعاصي، لكن بعد وداع شهر رمضان تبدأ أرواحنا بالبرود وتتقلص طاعاتنا إلى حد كبير،
وهذا ما حذرنا منه أهل البيت عليهم السلام بحيث أرادوا منا المداومة على الطاعات من قراءة للقرآن والتزام بالنوافل والمستحبات ومساعدة الفقراء وغير ذلك.
إن المؤمن الحق يصبح عنده وداع شهر رمضان كمثل انتزاع الروح من الجسد،
لذلك تراه يستذكر الشهر الفضل بكافة جوارحه ويستمر بما يمكن من الأعمال الصالحة التي اعتاد عليها خلال الشهر الفضيل وكأنه لم يقم بوداع شهر رمضان..