قناة المعارف الفضائية | سراج العلم والفضيلة
فهرس: محطات مشرقة
آخر برامج من: الشيخ حسين الكوراني (ره)
آخر برامج في قناة المعارف الفضائية

الأعمال العبادية في الأشهر الثلاثة (2) – الشيخ حسين الكوراني رحمه الله

تُعدُّ الأشهر الثلاثة – رجب وشعبان ورمضان – من أوقات العبادة والروحانيات في حياة المسلم. فهي فرصة لتجديد التوبة والاقتراب من الله تعالى، إذ تُستغل في تعزيز علاقة العبد بخالقه من خلال الأعمال العبادية. في هذا المقال نستعرض رؤية الشيخ حسين الكوراني رحمه الله حول كيفية ممارسة المراقبة الدائمة للنفس والقلب خلال هذه الأشهر المباركة، مع التفصيل في مفهوم المراقبة الصغرى والمراقبة الكبرى كما ذكرها السيد القاضي (قدس سره).

 

تجديد التوبة ومراقبة النفس في الأشهر الثلاثة

أهمية تجديد التوبة

الدعوة المستمرة للتوبة: يجب على المؤمن أن يجدد توبته إلى الله تعالى دائمًا، لا سيما في الأشهر الثلاثة حيث تكثر الطاعات وتزداد الفرص للاقتراب من الله.

الاستفادة من بركات الأشهر:

تُعتبر هذه الأشهر بوابة للفضل والرحمة؛ حيث يفتح الله تعالى أبواب رحمته للمستغفرين ويُهيئ القلوب لقبول النور الإلهي.

 

مفهوم مراقبة النفس: الصغرى والكبرى

المراقبة الصغرى

تعريفها: هي منع النفس من ارتكاب المعاصي وكل فعل لا يُرضي الله تعالى.

تطبيقها في الحياة اليومية: يتمثل ذلك بفعل الواجبات الدينية والابتعاد عن المحرمات، مما يضمن التزام الفرد بالسلوك الحسن والخلق الرفيع.

المراقبة الكبرى

تعريفها: هي منع القلب من الانغماس في الأمور التي لا تُرضي الله، أي بالسعي لفعل المستحبات وترك المكروهات.

الغاية الروحية: تركز على تنقية القلب وإزالة الرياء والغرور، مما يجعل العبد متواضعًا وصادقًا في علاقته بربه.

الحكمة من مراقبة النفس والقلب

دور المراقبة في تحقيق التقوى: كما جاء في الحديث المنسوب للإمام الصادق عليه السلام:

“من رعى قلبه عن الغفلة، ونفسه عن الشهوة وعقله عن الجهل، فقد دخل في ديوان المتنبهين؛ ثم من رعى عمله عن الهوى، ودينه عن البدعة، وماله عن الحرام، فهو من جملة الصالحين.”

هذا الحديث يؤكد أن مراقبة القلب والنفس تُعدُّ من أهم عوامل التقوى والنجاح في الحياة الدينية.

 

التوازن بين الواجبات والمستحبات:

فالمراقبة الصغرى تضمن الالتزام بالأوامر وتجنب النواهي، بينما تُعدُّ المراقبة الكبرى أساس تنقية القلب من الشهوات والاهتمام بما ينال رضا الله.

تطبيق الأعمال العبادية في الأشهر الثلاثة

أهمية الاستمرارية في العبادة

العمل على تقوية العلاقة مع الله: يجب أن تكون العبادة ليست مقتصرة على فترة محددة بل تُمارس باستمرار؛ فالتوبة والعمل الصالح لا يتوقفان عند حدود شهر أو مناسبة.

مراقبة النفس كمبدأ يومي: يقتضي الأمر من المؤمن أن يُحيي قلبه ويبقيه منتبهًا لملذات الدنيا ومغرياتها، وأن يستشعر دوماً وقع أعماله على نفسه.

الدعوة إلى الاتزان الروحي

التوازن بين الذهاب إلى الواجبات والحرص على المستحبات: يُعدُّ التوازن بين المراقبتين الصغرى والكبرى خطوة أساسية نحو بلوغ حالة من السكينة والطمأنينة في القلب.

المراقبة كوسيلة للارتقاء الروحي: من خلال مراقبة النفس والقلب، يحقق المؤمن مستوى أعلى من التقوى يُقربه إلى مقام المتنبهين، الذين حفظ الله تعالى ذكرهم في كتابه.

خاتمة

إنّ الأعمال العبادية في الأشهر الثلاثة ليست مجرد ممارسات طقسية بل هي منهج حياة يسعى فيه المؤمن إلى تجديد التوبة والالتزام بمراقبة نفسه وقلبه. وبينما يُضيء نور الأشهر الثلاثة دروب العبادات، يُصبح من الضروري الحفاظ على توازن المراقبة الصغرى – في أداء الواجبات والامتناع عن المعاصي – والمراقبة الكبرى – في تنقية القلب من كل ما لا يُرضي الله. هكذا يُحقق المسلم المقصد الأسمى في حياته: أن يُصبح من جملة الصالحين الذين يُكتب لهم نصيبٌ عظيم من رحمة الله ورضوانه.

 

مواضيع متشايهة

مصابيح الدجى – 73- فضل ليلة النصف من شعبان

أعمال شهر شعبان العامة