حجر بن عدي عبادة وجهاد – الشيخ حسين الكوراني رحمه الله
إن في سيرة حجر بن عدي دروس عدة ومستفيضة في بناء الشخصية الإيمانية، فهو كان في القمة من الناحية العبادية والأخلاقية والعقائدية وفي كيفية ولاء الفرد المؤمن لأهل البيت عليهم السلام وفي تقوى الله عز وجل ومراقبة النفس.
إن قتل حجر بن عدي كان له الأثر الكبير على الأمة الإسلامية، حيث قيل أن العرب ذلت بعد مقتل حجر، وذلك لأنه كان من أجل صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله، ومن أكثرهم إيماناً وتقوى وشجاعة، ورغم ذلك لم يتحرك أحد من المسلمين في زمانه في سبيل الدفاع عنه.
ومن شدة وقع تلك المصيبة على الأمة الإسلامية كان معاوية يخشى حتى ساعة موته من تبعات قتله لحجر بن عدي، لدرجة أنه حتى عائشة زوج الرسول صلى الله عليه وآله كانت قد طالبت بأخذ الثأر من قاتل حجر.
فمن شدة حب حجر بن عدي للعبادة والصلاة كان طلبه قبيل شهادته أن يصلّي لله فقد ورد أنّه قال لقاتليه: “دعوني أصلّي ركعتين؛ فإنّي والله ما توضأت قط إلاّ صليت، قالوا له: صلِّ، فصلّى، ثمّ قال: والله ما صلّيت صلاة أقصر منها، ولولا يرون أنَّ ما بي جزع من الموت لأطلتُ فيها، ولأحببت أن أستكثر منها”.
وفي شدة ولائه لأمير المؤمنين عليه السلام، كانوا قد خيروه بين القتل وبين التبري من الإمام علي عليه السلام، ولم يختر إلا القتل… وقد كان أمير المؤمنين عليه السلام قد أخبره بمصيره حيث قال له: كيف بك إذا دعيت إلى البراءة منّي، فما عساك أن تقول؟ فقال: والله يا أمير المؤمنين لو قطّعت بالسيف إربًا إربًا، وأضرم لي النار، وألقيتُ فيها لآثرتُ ذلك على البراءة منك، فقال (عليه السلام) وفقت لكلّ خير يا حُجر.