شواهد هيبة الإمام الحسن عليه السلام – الشيخ حسين الكوراني رحمه الله
روى ابن عساكر، وابن مندة، عن فاطمة عليها السّلام أنّها أَتَتْ بابنَيها، فقالت: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَانِ ابْنَاكَ فَوَرِّثْهُمَا شَيْئاً: فَقَالَ: «أَمَّا الْحَسَنُ فَقَد نَحَلْتُهُ حِلْمي وَهَيْبَتِي، وَأَمَّا الْحُسَيْنُ فَقَد نَحَلْتُهُ نَجْدَتِي وَجُودِي».
من تلك الشواهد على حضور هيبة الإمام الحسن عليه السلام في قلوب أعدائه، أنهم سعوا بخبثهم سعياً شديداً على كسر الإمام عليه السلام إلا أنه كان دائم الشموخ والعزة أمام أولئك الأعداء.
ففي خطبة له عليه السلام بدأ في بيان أمجاده وحسبه ونسبه حمد الله وصلى على نبيه، ثم قال: أيها الناس من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا الحسن بن علي بن أبي طالب، أنا ابن نبي الله، أنا ابن من جعلت له الأرض مسجدا وطهورا، أنا ابن السراج المنير، أنا ابن البشير النذير، أنا ابن خاتم النبيين، سيد المرسلين، وإمام المتقين، ورسول رب العالمين، أنا ابن من بعث إلى الجن والإنس، أنا ابن من بعث رحمة للعالمين.
فلما سمع كلامه معاوية، غاظه منطقه، وأراد أن يقطع عليه، فقال:
يا حسن عليك بصفة الرطب.
فقال الإمام الحسن عليه السلام: الريح تلقحه، والجر ينضجه، والليل يبرده ويطيبه على رغم أنفك يا معاوية.
ثم أقبل على كلامه فقال عليه السلام: أنا ابن المستجاب للدعوة، أنا ابن الشفيع المطاع، أنا ابن أول من ينفض رأسه عن التراب، ويقرع باب الجنة، أنا ابن من قاتلت الملائكة معه ولم تقاتل مع نبي قبله، أنا ابن من نصر على الأحزاب، أنا ابن من ذل له قريش رغما.
فقال معاوية: أما إنك تحدث نفسك بالخلافة، ولست هناك.
فقال الإمام الحسن عليه السلام: أما الخلافة فلمن عمل بكتاب الله وسنة نبيه، ليست الخلافة لمن خالف كتاب الله، وعطل السنة، إنما مثل ذلك مثل رجل أصاب ملكا فتمتع به وكأنه انقطع عنه، وبقيت تبعاته عليه.
فقال معاوية: ما في قريش رجل إلا ولنا عنده نعم جزيلة، ويد جميلة.
قال الإمام الحسن عليه السلام: بلى من تعززت به بعد الذلة، وتكثرت به بعد القلة.
فقال معاوية: من أولئك يا حسن؟
قال عليه السلام: من يلهيك عن معرفته.
ثم قال عليه السلام: أنا ابن من ساد قريشا شابا وكهلا، أنا ابن من ساد الورى كرما ونبلا، أنا ابن من ساد أهل الدنيا بالجود الصادق، والفرع الباسق، والفضل السابق، أنا ابن من رضاه رضى الله، وسخطه سخطه، فهل لك أن تساميه يا معاوية.
– فقال أقول لا، تصديقا لقولك – فقال الإمام الحسن عليه السلام: الحق أبلج، والباطل لجلج، ولم يندم من ركب الحق وقد خاب من ركب الباطل، والحق يعرفه ذو والألباب.
ثم أخذ معاوية بيد الإمام الحسن عليه السلام وقال: لا مرحبا بمن ساءك