الإمام الحسين ع والنور الإلهي – الشيخ حسين الكوراني رحمه الله
يُمثّل الإمام الحسين بن علي (عليه السلام) أحد أعظم الرموز الإسلامية التي اجتمعت فيها النبوة والوصاية، والنور والهداية، والجهاد والتضحية. فهو أحد أصحاب الكساء الذين نزلت فيهم آية التطهير، وأحد الأئمة الذين أشار إليهم القرآن الكريم في مواضع عدة، ومنها ما ورد في سورة النور المباركة.
آية النور وأهل البيت (عليهم السلام)
قال تعالى: (اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ…) [النور: 35]
لقد فُسّرت هذه الآية في العديد من التفاسير الروائية الشيعية على أنها إشارة رمزية إلى أهل البيت عليهم السلام، حيث إنهم مظاهر نور الله وهُداه في الأرض.
أقوال الأئمة في تفسير آية النور:
قال الإمام جعفر الصادق (عليه السلام): “هو مثل ضربه الله لنا، فالنبي صلى الله عليه وآله والأئمة من بعده صلوات الله عليهم أجمعين هم من دلالات الله وآياته التي يهتدى بها إلى التوحيد ومصالح الدين.” التوحيد للصدوق، ص157
وقال الإمام الباقر (عليه السلام): “فالمشكاة: صدر النبي، والمصباح: العلم، والزجاجة: أمير المؤمنين (عليه السلام)…” نفس المصدر، ص159
وفي رواية أخرى عن الإمام الصادق (عليه السلام): “مثل نوره كمشكاة: فاطمة، فيها مصباح: الحسن، المصباح في زجاجة: الحسين، الزجاجة كأنها كوكب دري.”
مكانة الإمام الحسين (ع) في السنة النبوية
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: “حسين مني وأنا من حسين، أحبّ الله من أحبّ حسيناً، حسين سبط من الأسباط.”
في هذا الحديث الشريف تتجلّى القرابة الروحية والتكوينية بين النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) وبين الإمام الحسين (عليه السلام)، وهي علاقة تتجاوز النسب لتبلغ مستوى الرسالة والتكامل في الهداية.
الإمام المهدي (عج) امتداد نور الحسين (ع)
إن الإمام المهدي (عجل الله فرجه الشريف) هو الوارث الشرعي لكل الأنبياء والأوصياء، وهو في الحقيقة ثمرة من ثمار الحسين (عليه السلام).
فقد جاء في الروايات: “إن الله عوّض الحسين من قتله أن جعل الإمامة في ذريته، والشفاء في تربته، وإجابة الدعاء عند قبره…”
فالمهدي المنتظر (عجل الله فرجه) هو الامتداد العملي لقيم الحسين (عليه السلام)، وسيُظهر عدل الله في الأرض كما ضحى الحسين من أجل بذرته.
المجالس الحسينية: مدرسة الجهاد والوعي
إن المجالس الحسينية لم تكن مجرد بكاء أو رثاء، بل تحوّلت عبر الزمن إلى ميادين فكرية وعقائدية لتخريج المجاهدين والمثقفين والواعين.
إن كل مقاوم اليوم في ساحات النضال إنما هو خريج هذه المدرسة.
إن قيم العزة والكرامة والرفض للظلم والطغيان كلها تُبث من هذه المجالس المباركة.
كما أن الحسين (عليه السلام) كان رمز الثورة الدائمة ضد الظلم، فإن مجالسه لا تزال تحيي هذه الروح وتغذيها في النفوس.
وفي الختام:
إن الإمام الحسين (عليه السلام) ليس مجرد شخصية تاريخية، بل هو نور الله في الأرض، ومنه خرجت الإمامة، وبه يُستدلّ على طريق النجاة، ومنه تُستمدّ العزائم في ميادين المقاومة والجهاد.
فالقرآن يُشير إليه، والنبي يعظّمه، والأئمة يربطون نور الله به، ولا تزال المجالس التي تُعقد باسمه شعلة نور لا تنطفئ.