استقبال شهر رمضان بسلامة الصدر – الشيخ حسين الكوراني رحمه الله
إننا وعلى أعتاب شهر رمضان المبارك، هذا الشهر الكريم والفضيل، ينبغي أن نستقبله بصدور نظيفة وقلوب صافية من كل ما يشوبها، وما من شيء يلوث القلب بقدر الحقد، هذا الشعور الذي ينبت بالصدر كالنواة حتى تشتعل جمرته وتنشر كما يستشري المرض الخبيث بالجسم.
وداء الحقد إذا تغلب على صاحبه أضر به ضرراً شديداً ومن الأضرار التي يؤدي إليها الحقد كما ذكرها الشيخ النراقي في كتاب جامع السعادات: هو من المهلكات العظيمة. وقد قال رسول الله (ص):” المؤمن ليس بحقود “.
والغالب أن الحقد يلزمه من الآفات: الحسد، والهجرة، والانقطاع عن المحقود، وإيذاؤه بالضرب، والتكلم فيه بما لا يحل: من الكذب، والغيبة، والبهتان، وإفشاء السر، وهتك الستر، وإظهار العيوب، والشماتة بما يصيبه من البلاء والسرور به، والانبساط بظهور عثراته وهفواته، والمحاكاة عنه بالاستهزاء والسخرية، والإعراض عنه استصغارا له، ومنع حقوقه من دين أو رد مظلمة أو صلة رحم. وكل ذلك حرام يؤدي إلى فساد الدين والدنيا. وأضعف مراتبه أن يحترز عن الآفات المذكورة، ولا يرتكب لأجله ما يعصى الله به، ولكن يستثقله بالباطن ولا ينتهي قلبه عن بغضه.
مع اقتراب شهر رمضان المبارك، يُستحسن للمؤمن أن يستقبله بصدور نظيفة وقلوب صافية خالية من أي شوائب تعكر صفاء النفس. إن من أكبر العوائق التي قد تُعيق صفاء القلب هو الحقد، الذي يمكن أن ينمو في الصدر كالنواة وينتشر كما يستشري المرض في الجسم. في هذا المقال نستعرض رؤية الشيخ حسين الكوراني رحمه الله حول أهمية تحضير النفس لاستقبال رمضان بتجديد الروح والعقل والابتعاد عن الحقد والضغائن.
أهمية استقبال شهر رمضان بسلامة الصدر
التحضير النفسي والروحي
تنقية القلب والصدور: يجب على المؤمن أن يجهز قلبه لاستقبال شهر رمضان بالابتعاد عن المشاعر السلبية مثل الحقد والكراهية، لأن هذه المشاعر تعكر صفاء القلب وتمنع دخول البركات.
الاستعداد للعبادة: دخول شهر رمضان يجب أن يكون بمقدمة روحية وإخلاص نابع من قلب صافٍ، مما يمهد لتجديد العلاقة مع الله تعالى ويزيد من تقوى المؤمن.
أضرار الحقد على النفس والقلب
تأثير الحقد على الروح: إن الحقد يُعتبر من الآفات التي تُشوه صفاء القلب، حيث ينتج عنه مشاعر سلبية تُضعف قدرة الفرد على محبة الآخرين وعلى الاقتراب من الله.
الانعكاسات الاجتماعية والنفسية: قد يؤدي الحقد إلى انتشار مشاعر الغضب والتنافر بين الناس، مما يساهم في تفكك العلاقات الاجتماعية ويخلق بيئة سلبية تُعيق التطور الروحي والإنساني.
كيفية التخلص من الحقد واستقبال رمضان بسلامة
تنقية القلب بالتوبة والصدق
يجب على المؤمن أن يُراجع نفسه باستمرار، ويُخلص توبته إلى الله تعالى، لأن التوبة الصادقة هي البوابة الأولى لتطهير القلب من المشاعر السلبية.
ممارسة العفو والتسامح
يُستحب للمؤمن أن يتخذ العفو والتسامح منهجًا يوميًا، إذ إن مسامحة من أساء إليه تساعد على تحرير القلب من قيود الحقد وتجلب له السكينة والطمأنينة.
التركيز على الأعمال الصالحة والعبادات
يُعد إحياء العبادات وزيادة الطاعات في شهر رمضان من أفضل الوسائل لتصفية القلب؛ فالعبادات تُعزز الروحانية وتمنح الإنسان طاقة إيجابية تبعد عنه الانشغال بالمشاعر السلبية.
الاستعانة بالدعاء والذكر
كثرة ذكر الله والدعاء تُسهم في تهدئة النفس وتخفيف وطأة الحقد، مما يساعد على استبشار القلب بالطمأنينة والاستعداد لاستقبال الشهر الكريم بكل حب وخشوع.
خاتمة
إن استقبال شهر رمضان بسلامة الصدر يعني تجديد الروح والعزم على ترك الحقد والمشاعر السلبية جانبًا، والتركيز على التقرب إلى الله تعالى في كل فعل وكلمة. فبتطهير القلب وتنقية النفس، يُفتح أمام المؤمن طريقٌ للسكينة والسلام الداخلي، مما يجعل تجربة رمضان فرصة حقيقية للتجديد الروحي وتحقيق البركات. لنجعل من هذا الشهر المبارك فرصة للتوبة الصادقة والعفو، لنستقبل رمضان بقلوب صافية ونفوس مُزدهرة بالأمل والتفاؤل.