قناة المعارف الفضائية | سراج العلم والفضيلة
فهرس: ومضات
آخر برامج من: الشيخ حسين الكوراني (ره)
آخر برامج في قناة المعارف الفضائية

أهل عيد الغدير (2) – الشيخ حسين الكوراني رحمه الله

في أجواء عيد الغدير الأغرّ، حيث يحتفل شيعة أمير المؤمنين عليه السلام في أصقاع العالم بهذه المناسبة التي تُعدّ تاج الأعياد وأكمل لحظات الإسلام، لا يكفي أن نفرح ونوزّع الحلوى ونُظهر الولاء بالأهازيج فقط، بل علينا أن نتأمل في أنفسنا ونسأل:

هل نحن حقًا من أهل الغدير؟

هل تشملنا دعوة رسول الله صلى الله عليه وآله يوم قال: “اللهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه”؟

هل يمكن أن نُعدّ ممن قيل فيهم: “من كنت مولاه فهذا عليّ مولاه”؟

لكي نجيب عن هذا السؤال بصدق، لا بد أن نراجع الروايات الشريفة التي تحدثت عن صفات ثلاثة أصناف: المتقين، الشيعة، المؤمنين.

فهم الفئات التي شملهم الولاء لعلي عليه السلام حقًا، وقد ورد عن الأئمة عليهم السلام أن الغدير ليس شعارًا فقط، بل منهج حياة وتزكية نفس وعمل دائم.

صفات المتقين

جاء في نهج البلاغة وصف أمير المؤمنين عليه السلام للمتقين وصفًا يهزّ القلوب، فقال عليه السلام: “قد أخلصوا لله العبادة، واعتبروا بما رأوا من الفتن، فهم قومٌ أفاض عليهم النعمة فشكروا، وابتلاهم بالمصيبة فصبروا…”

“لباسهم الاقتصاد، ومشيهم التواضع… قلوبهم محزونة وشرورهم مأمونة، أنفسهم عفيفة وحوائجهم خفيفة…” -نهج البلاغة، الخطبة 193، المعروفة بخطبة المتقين-

فهؤلاء هم حملة الغدير الحقيقيون، الذين تجسّدت فيهم القيم التي نادى بها أمير المؤمنين عليه السلام: التواضع، الزهد، الورع، الحياء، العدل، والصدق.

صفات الشيعة

يكثر استعمال لفظ “الشيعة” في ثقافتنا اليومية، لكن الإمام الصادق عليه السلام حدّد لنا معيار الانتماء الحقيقي بقوله: “امتحنوا شيعتنا عند ثلاث: عند أوقات الصلاة كيف محافظتهم عليها، وعند أسرارهم كيف حفظهم لها عن أعدائنا، وإلى أموالهم كيف مواساتهم لإخوانهم فيها” -الكافي، ج2، ص 83-

ويقول أيضًا: “ليس من شيعتنا من قال بلسانه وخالفنا في أعمالنا وآثارنا، ولكن شيعتنا من وافقنا بفعله” -تحف العقول، ص 295-

فالشيعي الغديري هو الذي يصلي في وقتها، ويحفظ أسرار المؤمنين، ويواسيهم في أموالهم. وليس من الشيعة من ادّعى الحب وخالف الفعل.

صفات المؤمنين

أما المؤمنون فهم القمّة، وقد قال الإمام الباقر عليه السلام: “إنما المؤمنون أولئك الذين إذا خلوا بمعصية الله لم يواقعوها، وإذا ذكروا عظمة الله اشفقوا، وإن أبغض شيء إليهم اللـه المعصية…” -الكافي، ج2، ص 80-

ويقول الإمام الصادق عليه السلام: “المؤمن حليم عند الغضب، صبور عند البلاء، شكور عند الرخاء، لا يغتاب، ولا يتكبّر، ولا يقطع الرحم” -الكافي، ج2، ص 236-

فهذا هو الغديري الحقيقي، الذي لا يفرّط لا في سره ولا في غضبه، ولا في لحظة يُمتحن فيها. فـعيد الغدير ليس مجرد يومٍ للفرح بل يوم للتمحيص.

دروس عملية

إذا أردت أن تعلم هل أنت غديري؟ فلا تنظر إلى لسانك بل إلى عملك.

فلا يكفي حب أمير المؤمنين في القلب، بل لا بد أن يُترجم إلى أخلاق المتقين، أفعال الشيعة، وسلوك المؤمنين.

كلّ صفات الغديريين تبدأ من الصدق في العلاقة مع الله، وتنتهي بـخدمة الناس بوعي وتواضع.

الغدير ليس طقسًا عابرًا، بل هو ميثاق حياة، ومسؤولية مستمرة تُترجم في العدل والحق.

وفي الختام

سُئل الإمام الصادق عليه السلام عن معنى قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ﴾

فقال: “هؤلاء هم شيعتنا، وشيعتنا هم الغديريون الصادقون، الذين يُعرفون بالخشوع، وغض البصر، وكثرة الذكر، وصلة الأرحام، والصدق في الحديث.”

فلنُراجع أنفسنا في ضوء هذه المعايير، لعلّنا نُكتب من أهل الغدير، لا بمجرد الانتماء، بل بصدق الولاء.

مواضيع مشابهة

خير الزاد – 718 – يوم الغدير

أحاديث في أخبار الغدير