انكشاف الملكوت للمعصوم
لا بد للمؤمن الاطلاع على مفاهيم القرآن وسبر غوره والتفاعل معه ومن هذه المفاهيم قضية الملك والملكوت.
إن الإنسان يمكنه أن يملك في هذه الدنيا ويصح أن نقول عنه إنه مالك ولكن مالك محدود؛ إذ أن مالك الملك والملكوت هو الله سبحانه وتعالى وهو المتصرف المطلق.
إن إبراهيم عليه السلام رأى ملكوت السماوات والأرض كما نص على ذلك القرآن الكريم:(وَكَذَٰلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ) وقد بين لنا الإمام الصادق عليه السلام كيفية هذه المشاهدة:
(كشط له عن الأرض ومن عليها، وعن السماء و من فيها، و الملك الّذي يحملها، والعرش ومن عليه. وفعل ذلك كلّه برسول اللّه – صلّى اللّه عليه و آله – و أمير المؤمنين – عليه السّلام -)
إن الملفت في الرواية الآنفة الذكر، هو أن الإمام الصادق عليه السلام يؤكد أن مشاهدة الملكوت لم يكن للنبي إبراهيم خاصة بل إن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله والإمام أميرالمؤمنين قد شاهدا ملكوت السماوات والأرض.
إن الإمام الباقر عليه السلام قد بين لنا جهة أخرى لمشاهدة النبي إبراهيم ملكوت السماوات والأرض فقال عليه السلام:(أُعْطيَ بَصَرَهُ مِنَ اَلْقُوَّةِ مَا نَفَذَ اَلسَّمَاوَاتِ فَرَأَى مَا فِيهَا..)
إن المؤمن كذلك لو وصل إلى قوة البصيرة فاستطاع أن يرى ما وراء هذه الطبيعة من القوى الغيبية، يمكن القول أنه قد وصل إلى شيء من الملكوت.
إن المؤمن من خلال التجرد الروحي والتخلي الباطني من الشهوات ومخالفة الأهواء يمكنه أن يحصل على نور باطني من الله سبحانه.
إن قلب إمام زماننا عجل الله فرجه، مهموم ومحزون لما يرى في كل آن من الأمور ما لا نتحمله نحن، كما قد يصاب أحدنا بأرق لو شاهد جريمة تحصل أمامه، فكيف بمن يرى الملكوت في آن واحد.
إن إبراهيم عليه السلام عندما رأى ملكوت السماوات والأرض واطلع على المكشوف والمستور، رأى رجلا وامراةً وهما يرتكبان الفاحشة فدعا عليهما بالهلاك ورأى غيرهم من الخلق في حال المعصية فدعا عليهم كذلك بالهلاك حتى قال الله سبحانه له في هذه الرواية التي ينقلها النبي الأكرم صلى الله عليه وآله:
(يَا إِبْرَاهِيمُ، اُكْفُفْ دَعْوَتَكَ عَنْ عِبَادِي وَ إِمَائِي، فَإِنِّي أَنَا اَلْغَفُورُ اَلرَّحِيمُ، اَلْحَنَّانُ اَلْحَلِيمُ، لاَ تَضُرُّنِي ذُنُوبُ عِبَادِي، كَمَا لاَ تَنْفَعُنِي طَاعَتُهُمْ، وَ لَسْتُ أَسُوسُهُمْ بِشِفَاءِ اَلْغَيْظِ كَسِيَاسَتِكَ، فَاكْفُفْ دَعْوَتَكَ عَنْ عِبَادِي وَ إِمَائِي)
إن العجب كل العجب ليس للذي ينجو بل للذي يهلك مع وجود هذه الرحمة الإلهية الغامرة والحنان الرباني الشامل.
أنظر أيضا:
معاني الملكوت
معالم المدرسة الإبراهيمية