الشروط الباطنية للدعاء المستجاب
إن الإنسان الغير مؤمن عندما تلم به حاجة يحتار في قضائها، إذ أنه لا يتصل بعالم الغيب ولذلك نرى الإحباط واليأس في حياة غير المؤمنين وهذا طبيعي فمن لا يلجأ إلى ركن وثيق ينتابه الخوف والاضطراب.
إن المؤمن عينه في كل حال على مسبب الأسباب، فإذا ما أصابه مرض يلجأ إلى الله سبحانه كما ورد في القرآن الكريم على لسان النبي إبراهيم عليه السلام:(وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ) وإذا احتاج إلى مال لجأ إليه كذلك (لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ).
إن التأمل في أحوال الأنبياء كنجاة موسى عليه السلام من شر فرعون وخروج يوسف عليه السلام من قعر الجب ونجاة يونس عليه السلام من بطن الحوت والنصر الإلهي للنبي صلى الله عليه وآله في حربه مع المشركين مما يقوي إيمان العبد بالله وبقرب استجابته.
قد يحصل كثيرا أن نطلب من الله سبحانه حاجة فتتأخر الإجابة أو لا تقضى هذه الحاجة، هذا ما أجابه الإمام الرضا عليه السلام على تسائل رجل تأخرت عليه الإجابة:
(أَخْبِرْنِي عَنْكَ لَوْ أَنِّي قُلْتُ لَكَ قَوْلاً كُنْتَ تَثِقُ بِهِ مِنِّي فَقُلْتُ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ إِذَا لَمْ أَثِقْ بِقَوْلِكَ فَبِمَنْ أَثِقُ وَأَنْتَ حُجَّةُ اَللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ قَالَ فَكُنْ بِاللَّهِ أَوْثَقَ فَإِنَّكَ عَلَى مَوْعِدٍ مِنَ اَللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَ لَيْسَ اَللَّهُ يَقُولُ وَإِذٰا سَأَلَكَ عِبٰادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ اَلدّٰاعِ إِذٰا دَعٰانِ)
إن من موجبات الإجابة هو معرفة الله سبحانه حق المعرفة، وهذا ما يؤكده الإمام الصادق عليه السلام حين سأله رجل عن تأخر الاستجابة فقال:(لِأَنَّكُمْ تَدْعُونَ مَنْ لاَ تَعْرِفُونَ)
إن من موجبات الإجابة أن تعلم وتستيقن أن حاجتك بالباب كما ورد عنهم عليهم السلام:(إِذَا دَعَوْتَ فَظُنَّ حَاجَتَكَ بِالْبَابِ) فلا يفصلك عنها إلا طرق باب الكريم لتنالها.
إن من موجبات الإجابة حفظ آداب الدعاء وقد ورد عن الإمام الصادق عليه السلام:(فَإِنْ لَمْ تَأْتِ بِشَرْطِ اَلدُّعَاءِ فَلاَ تَنْتَظِرِ اَلْإِجَابَةَ) أي لا تلومن إلا نفسك فأنت الذي قصرت في الإلتزام بشروط الدعاء.
إن من موجبات الإجابة أن يكون الداعي صاحب بر وخير في الناس وهناك عادة جميلة للبعض وهي أن يخرج شيء من المال بين يدي دعائه يتصدق به عند الاستجابة.
إن من موجبات عدم الاستجابة عدم البر والمال الحرام فترى الداعي يتوسل ويدعو فلا يستجاب له فيلوم من هو أحق باللوم منهم تقول الرواية:
(أَنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ رَأَى رَجُلاً يَتَضَرَّعُ تَضَرُّعاً عَظِيماً وَيَدْعُو رَافِعاً يَدَيْهِ وَيَبْتَهِلُ فَأَوْحَى اَللَّهُ إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ لَوْ فَعَلَ كَذَا وَكَذَا لَمَا اِسْتَجَبْتُ دُعَاءَهُ لِأَنَّ فِي بَطْنِهِ حَرَاماً وَعَلَى ظَهْرِهِ حَرَاماً وَفِي بَيْتِهِ حَرَاماً).
أنظر أيضا:
ما هي قواعد الدعاء المستجاب ؟