اغتنام ساعات الصباح الأولى
إن أول النهار والصبح تحديدا هو لجام النهار، فيقال إن أمسك الإنسان بلجام الناقة أو الفرس أمسك بكله وسلس قياده وكذلك النهار.
إن الإنسان الذي يبدأ يومه بخير، قد صلى ليله وصلى فجره في أول الوقت وخصوصا إن كان ذلك في المسجد وأتى بالتعقيبات بعيد الصلاة، فنهاره لا شك نهار مبارك.
إن القرآن الكريم عندما يذكر الصباح يقول:(والصبح إذا تنفس) وقد يكون معنى التنفس هو تقشع الظلام وخروج الصباح الذي يمكن الناس من الانطلاق إلى أعمالهم بعد سكون الليل وانقطاعهم عن أعمالهم.
كيف نبدأ ساعات الصباح الأولى؟
إن الذي يصبح لا بد أن ينوي نية مهمة وينتبه إلى أنه لو لم يفعل كذلك أضاع أربعين سنة من حياته وإن فعلها فقد ربح تلك الأربعين، ربع العمر أو ثلثه يقضيه الإنسان في المنام فعليه أن يبادر إلى الوضوء قبل منامه حتى يجعل فراشه مسجدا.
وكذلك عند التوجه للعمل الذي يأخذ ما لا يقل عن الثماني ساعات في اليوم فهو الثلث الآخر الذي يقضيه الإنسان من عمره، لا تذهب وأنت تنوي كسب المال بل قل يا رب أذهب للعمل لكي أعيل عائلتي ولكي أكسب مالا أصرفه في وجوه البر وغيره.
عندما يسأل أحدنا عن حاله فيجيب بما اعتدنا على استعماله من الألفاظ فنقول على سبيل المثال الحمدلله بخير وما إلى ذلك ولكن أنظر تفصيل الإمام زين العابدين حين سأله رجل كيف أصبحت قال عليه السلام:
(قَالَ أَصْبَحْتُ مَطْلُوباً بِثَمَانٍ اَللَّهُ تَعَالَى يَطْلُبُنِي بِالْفَرَائِضِ وَاَلنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ بِالسُّنَّةِ وَاَلْعِيَالُ بِالْقُوتِ وَاَلنَّفْسُ بِالشَّهْوَةِ وَاَلشَّيْطَانُ بِاتِّبَاعِهِ وَاَلْحَافِظَانِ بِصِدْقِ اَلْعَمَلِ وَمَلَكُ اَلْمَوْتِ بِالرُّوحِ وَاَلْقَبْرُ بِالْجَسَدِ فَأَنَا بَيْنَ هَذِهِ اَلْخِصَالِ مَطْلُوبٌ)
قد يصادف الإنسان في صباحه أمرا محزنا، فيصبح وهو حزين فيشكو مصيبته للناس كأن أصيب بمرض أو غيره وهذا ما نهى عنه أئمة أهل البيت عليهم السلام:(وَ مَنْ أَصْبَحَ يَشْكُو مُصِيبَةً نَزَلَتْ بِهِ فَإِنَّمَا يَشْكُو رَبَّهُ) وخصوصا إذا كان بث الهم لمن لا يملك تغيير شيئ من حاله.
سرك كالدم اجعله يجري في عروقك لا تفشيه لمن لا يملك تغييرا ولا تحويلا.
هناك للأسف الشديد من لا يهتم بشأن المسلمين وأمورهم، فتراه يسمع الأخبار المحزنة عن انفجار هنا أو مجزرة هناك ولا يحرك ساكنا بل لا يتفاعل مع الخبر فتراه يكمل قهقهته غير مكترث لما يعانيه إخوانه المسلمين وقد ورد في الروايات الشريفة:(من بات ولم يهتم بأمور المسلمين فليس بمسلم).
البعض منا لا يعرف النعمة إلا بعد فقدها، يقول النبي الأكرم صلى الله عليه وآله:(مَنْ أَصْبَحَ مُعَافًى فِي جَسَدِهِ آمِناً فِي سَرْبِهِ عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ فَكَأَنَّمَا خِيرَتْ لَهُ اَلدُّنْيَا).
أنظر أيضا:
أدعية ساعات النهار – مفاتيح الجنان