تأملات في سورة الفيل
إن التعبير بـ (ألم تر) بدلاً من (ألم تعلم) في سورة الفيل للدلالة على وضوح الأمر وكأنه يرى بالحواس الظاهرة، والمطلوب من العبد أن يصل إلى درجة انكشاف الحقائق الغيبية له.
ورد التعبير بالرب مسنداً إلى النبي الأكرم (ص)، فالمقام فيه ذكر لعظمة الرب المنتقم لأعدائه بما لايخطر على بال أحد، وهي بعد من موجبات تثبيت فؤاد النبي (صلى الله عليه وآله) ومن معه من المؤمنين.
إن كيد الكفار ليس بالأمر الهيّن بل يحوي خبثاً باطنياً، إلا أن هذا المكر في تضليل وضياع لا يصل إلى هدفه لأن الرب المتعال يثبت المؤمنين بقوله ( إن ربك لبالمرصاد )، (ومكر أولئك هو يبور).
إن الانتقام الإلهي في الدنيا متناسب مع عظمة الجريمة، فجيش أبرهه الذي أراد هدم البيت الحرام بالفيلة العظيمة باتوا ( كعصف مأكول ) كقشر الزرع الذي تعصف به الريح، فأزال الله عز وجل وجودهم بهذه الصورة من العذاب.
إن الأفعال منسوبة إلى الله عزوجل وإن جرت على يد مخلوق موكل من قبل الرب جل وعلا، فهو سبحانه (وأرسل عليهم) والطير الأبابيل (ترميهم) بإذن الله، فلا غرابة فيما يصدر من عباد الله الصالحين من كرامات لأنهم موكلون من قبل الله عز وجل.
إن قريشاً كانت عاكفة على عبادة الأصنام، ومع ذلك لم ينزل عليهم مثل هذا العذاب، ولعل الفارق هو تحدي أصحاب الفيل لصاحب البيت الحرام لا عن جهل وقصور منهم.
أنظر أيضا:
سورة الفيل – الشيخ حبيب الكاظمي
ليتفقهوا في الدين -اعتبار الجمع بين سورة الفيل وسورة قريش