في رحاب سورة مريم – الشيخ حبيب الكاظمي
- بعض الناس يطلب ذرية أو زوجة أو مالاً فلا يستجاب له، فمع مرور الأيام تتكاتف دعواته من دعاء متواصل فتستجاب حتى يعطيه الله تعالى ذرية طيبة أو زوجة مميزة، وهكذا حصل مع النبي زكريا عليه السلام، فبعد أن شاب ووهن عظمة وخاف الموالي من ورائه حتى استجاب الله تعالى له ووهبه وبشره بـ (بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيًّا).
- بعد أن بشر الله تعالى النبي زكريا بيحيى عليهما السلام سأل متعجباً (قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا) وإن كان ليس من المناسب أن يتعجب نبي من قدرة ربه إلا أن سؤاله كان من باب إظهار معجزات ربه أمام قومه.
- فقال تعالى: (قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ) أي أن هذا الفعل ومثله هو عليه هين، ثم قال: (وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا) أي أني خلقت آدم من لا شيء، فالذي خلق الأب _أي آدم_ من العدم ما المانع أن يخلق ولداً من أبويين كبيرين.
- رغم بشارة الله تعالى لزكريا عليه السلام إلا أنه طلب من الله علامة على استجابة دعائه، فكانت آيته (قَالَ آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا) فأصبح يحيى لمدة ثلاثة أيام كالأخرس، وليس المعنى أنه توقف بإرادته عن الكلام بل انعقد لسانه ولم يعد يتمكن من الكلام.
- ثم قال: (يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا) الآية لم تذكر أحداث الحمل والولادة فوراً انتقلت إلى الزمان الذي شب به النبي يحيى عليه السلام، والمراد بالحكم هنا غير النبوة لأنه في آيات أخرى ذكر الحكم ثم ذكرت النبوة.
- قد خص الله النبي يحيى عليه السلام بالمحبة (وَحَنَانًا مِّن لَّدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا) فقد يكون الإنسان محبوباً من الناس أو على الأقل من أسرته لكن ما الفائدة من هذا إن لم يكن محبوباً من الله تعالى؟! وكأن سر محبة الله تعالى ليحيي أنه (وَكَانَ تَقِيًّا).
- إن أعظم التكاليف التي كلف بها العبد هي بر الوالدين، فيحيى أفضل عمل له بعد التقى هي بر الوالدين (وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُن جَبَّارًا عَصِيًّا) والسبب في التأكيد على بر الوالدين كما ذكره الإمام زين العابدين عليه السلام في رسالة الحقوق أنهما السبب في وجودك.
- السلام في اللغة العربية إذا جاء معرفاً غير معناه إذا جاء نكره، فهذا السلام في الآية: (وَسَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا)، فهذا السلام غير معروف وغير محدد، فالسلام بالنكرة تدل على تعظيم ذلك السلام.
مواضيع مشابهة
خير الزاد – 635 – دروس من سيرة النبي يحيى
أحاديث في قصص زكريّا ويحيى (ع)