آية الصيام: وقفات وتأملات – الشيخ حبيب الكاظمي
- يقول تعالى (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون). إن الله خاطبنا في هذه الآية وهي آية الصيام بخطاب الإيمان ليقول لنا بأن إيماننا يفرض ويوجب علينا التقيد بما يأمرنا به الله ومن تلك الأوامر الصيام.
- لقد قال الله في آية الصيام إن الصيام كتب علينا كما كتب على الذين من قبلنا ليخبرنا بأن مثل هذا الصيام كتب على من قبلنا وما كان فيهم نبي كخاتم النبيين صلى الله عليه وآله ولا نزل عليهم كتاب كالقرآن المبين، وفي هذا إشارة إلى أن الإنسان المؤمن بصيامه يؤدي شكر هذه النعم وأهمها نعمة الإسلام والقرآن والوجود المقدس للنبي صلى الله عليه وآله، وهو الشكر العملي الذي أشارت إليه الآية الكريمة (اعملوا آل داوود شكرا).
- إن آية الصيام أشارت إلى أن الصيام قد يوصل صاحبه إلى التقوى ويجعله من المتقين وليس بالضرورة أن يصل إلى ذلك، فليس كل من يصوم هو من المتقين، لأن هناك من يصوم بالامتناع عن الطعام والشراب وحسب دون صون جوارحه وجوانحه عن محارم الله.
- إن الامتحان الحقيقي للصائم يبدأ بعد انتهاء شهر رمضان إلى حين مجيء شهر رمضان اللاحق، لأن الإنسان في شهر رمضان يعيش في جو عام من الروحانية التي تشجع على التقوى والابتعاد عن محارم الله عموما، لكن الغالبية يعودون إلى ما كانوا عليه بعد انتهاء الشهر الفضيل.
- لا ينبغي للمؤمن أن يجعل هدفه مجرد الامتناع عن الطعام والشراب ويعتبر ذلك إنجازا، بل عليه أن يجعل هدفه أسمى وأعلى من ذلك بكثير بالامتناع عن المعاصي وتطهير قلبه للوصول إلى التقوى.
- على المؤمن في شهر رمضان أن يضع لنفسه برنامجا من أربع مراحل للوصول إلى التقوى المنشودة وهي على الترتيب: المشارطة والمراقبة والمحاسبة والمعاقبة. المشارطة هي معاهدة النفس أول النهار على الإقلاع عن العادات السيئة والذنوب التي اعتاد على اقترافها. والمراقبة هي أن يراقب العبد نفسه باستمرار ويضع هذه الآية نصب عينيه دائما (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد). ثم المحاسبة التي لا ينبغي أن تكون آخر اليوم وقبل النوم فقط بل يفضل أن تكون على دفعات وفترات كأن يحاسب نفسه بعد الفرائض. وأخيرا المعاقبة وهي أن يحدد الإنسان لنفسه عقوبة مناسبة إذا ما أخل بالشروط التي وضعها لنفسه في بادئ الأمر بداية يومه، على أن لا تكون العقوبة قاسية بحيث تنفر النفس من العبادة، كأن يقوم الإنسان الليل أو يزيد من قيامه في الليل بمقدار معتدل.