تأملات في ولادة السيدة مريم لعيسى – الشيخ حبيب الكاظمي
- ولادة عيسى عليه السلام هبة إلهية لمريم عليها السلام وابتلاء؛ هبة لقوله تعالى (وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا) وابتلاء؛ لأن السيدة مريم عليها السلام كانت امرأة طاهرة وسوف تتعرض لتهمة عظيمة من قومها، إلى درجة أنها قالت: (يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا)
- يقال: كان حمل مريم بعيسى عليه السلام في مدة قصيرة لعلها أيام أو ساعات، ولم يكن الحمل تسعة أشهر كما هو متعارف؛ لأنه حمل إعجازي.
- يقال بأنه تعالى قال: (فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ) ولم يقل إلى النخلة؛ لأنها لم تكن مورقة، بل كانت يابسة لا ثمر فيها.
- بمناداة مريم عليها السلام: (أَلاَّ تَحْزَنِي) رفع ما فيها من هم وغم؛ لأن الباطن إذا صار مرتاحا فالجوع والعطش لا يؤثران كثيراً.
- ذهب الخوف عن مريم عليها السلام بقوله: (أَلاَّ تَحْزَنِي) والعطش بقوله (قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا) والجوع بقوله: (وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ) فأمر بسيط ولحظات قصيرة، انتهت هموم السيدة مريم عليها السلام كلها.
- رغم أن النخلة قد أورقت وأثمرت إعجازاً إلا أن السيدة مريم عليها السلام أمرت بهز جرع النخلة ليتساقط عليها الرطب، مع أن المرأة تكون في أضعف حالاتها عند الولادة.. وفي ذلك درس لنا في أن نتحرك ولانكون كسولين، فرب العالمين يساقط عليك الرطب ولكن هز قليلاً! فالذي لا يتحرك في الحياة لا يعطى الثمار.
قد يتساءل البعض: لماذا كان الرزق يأتي جاهزاً للسيدة مريم عليها السلام عندما كانت في المحراب، ولكنها عند الولادة وهي الساعة التي تكون المرأة فيها أحوج إلى الطعام لم تنزل عليها المائدة السماوية، بل أوكل الأمر إليها (وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ)، يقال في الجواب: لأنه دخل في قلبها حب عسيى عليه السلام بعدما كان حبها خالصاً لله.
