شروط المبلغ الناجح – الشيخ حبيب الكاظمي
- إن مواصفات المبلغ الناجح مختزلة في الآية الكريمة: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا).
- في قوله تعالى (إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ) حالة من الانتخاب والاصطفاء الإلهي للنبي صلى الله عليه وآله، فالله سبحانه انتخبه من بين جميع البشر ليبلغ أعظم رسالة إلهية إلى خلقه، لذا فالمبلغ الناجح عليه أن يرتقي بروحه عبر التأسي بالنبي الأكرم صلى الله عليه وآله في سيرته ليكون في دائرة المصطفين لتبليغ شريعة الله تعالى وتعاليم النبي وأهل بيته عليهم السلام.
- وفي قوله تعالى (شَاهِدًا) معنى للشهادة، وهو أنه صلى الله عليه وآله شاهد على عمل الأمة، وهذا المعنى لا يمكن أن ينطبق على غير المعصوم، أما المبلغ فينبغي أن يكون عالما ولو بالمجمل عما يحيط بالأمة بشكل عام، وهو مسؤول عن تبليغهم بشكل خاص في مشاكلهم وحاجاتهم وشبهاتهم التي يطرحونها عليه.
- معنى قوله تعالى (وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا) هو أن الرسول الاكرم صلى الله عليه وآله لم يكن منهجه فقط هو ترهيب الناس وتخويفهم من عذاب القبر وجهنم والموقف يوم الحساب، لكنه كان أيضا يبشرهم في حال استقاموا على الطريق بجنات ونعيم وحياة طيبة في الدنيا والآخرة، لذا فالمبلغ الناجح إنما يكون منهجه في التبليغ يدور بين التبشير والإنذار.
- قد نجد أحدهم تعلم طب الأسنان بمجرد الممارسة، بل قد يصبح ماهرا فيها أكثر من بعض الأطباء، ولكن يبقى هذا الإنسان لا يملك رخصةً للعمل بالطبّ مهما بلغت درجة مهارته، وهكذا حال المبلغ، فقد يجيد أحدهم فن الخطابة والإقناع ولكنه لا يملك التقوى ولا الإيمان في قلبه، فمثل هكذا مبلغ لا تراه ينجح في مهمته التبليغية، لأن الله تعالى لم يعطه الرخصة لهذه المهمة، وهذا هو معنى قوله تعالى: (وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ).
- قال تعالى: (وَسِرَاجًا مُّنِيرًا). كما هو معلوم فإن الشمس هي التي تصدر النور، أما القمر فيأخذ نوره من الشمس، وكذا المبلغ الناجح، فهو وإن كان بحاجة لمراجعة بعض المطالب قبل ارتقاء المنبر لكنه ينبغي أن يكون ملهما أيضا، وهذا الأمر بحاجة إلى توسل إلى الله تعالى بأن يوفقه ليصبح ملهما.