في رحاب الآية الثانية والرابعة من سورة الجمعة، الشيخ حبيب الكاظمي.
من طبع الإنسان الميل إلى ما يريحه ويوافق مزاجه، لذا فهو يبحث عن أنواع النعم والمتع، وعلى رأسها ما ذكره القرآن بقوله:(زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ…)
ولكن رب العالمين يحثنا إلى التعرف على فضله والسعي نحو تحقيقه، يقول تعالى في سورة الجمعة:(ذَٰلِكَ فَضْلُ ٱللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ) إشارة إلى أن يتزكى الإنسان وأن يتعلم الكتاب والحكمة.
إن الفضل الذي لا يدوم ولا يبقى لا يعد فضلا مميزا مهما كان نوعه، لذا روي عن أميرالمؤمنين عليه السلام أنه قال:(لو كانت الدنيا من ذهب والآخرة من خزف، لاختار العاقل الخزف الباقي على الذهب الفاني) كيف والأمر على العكس من ذلك..؟!
ينبغي على العبد أن يهيئ الأسباب العبادية ويؤدي ما عليه ويتكل على الله سبحانه، ولا يلومن نفسه أو غيره في أنه قد صلى أو صام أو قام بالعبادة الفلانية وما وصل إلى مقام يعتد به، فالله تعالى هو من يزكي الأنفس.
لو أن الإنسان عبدالله تعالى ولم يرزق الثمرة والنتيجة المرجوة من عمله العبادي، فليعلم أن هناك مشكلة وخللا ما في مقدمات عمله..!
الفرق بين الكتاب والحكمة من قوله تعالى في سورة الجمعة:(وَيُعَلِّمُهُمُ ٱلْكِتَٰبَ وَٱلْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ): أولا: من الممكن القول بأن الحكمة هي الكتاب نفسه؛ لأن العطف بالمترادف أمر ممكن في اللغة العربية.
ثانيا: الأصل أن يأتي المتكلم بكلام جديد لا مترادف، وقد فسرت(الحكمة) بسنة النبي صلى الله عليه وآله وأهل البيته عليهم السلام.
ثالثا: يقول البعض: إ، المراد من الحكمة الجانب الحكمي والوعظي من الشريعة التي ليس فيها أحكام شرعية، كحكم لقمان وغيرها.