ليس الزهد هو بالابتعاد عن نِعم الله عز وجل وطيباته فهذا مفهوم خاطئ ؛ بل الزهد أن لا يكون الإنسان أسيراَ للدنيا وزخارفها .
إنّ الزهد في كلمتين ( لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم ) فبعض الناس إذا فاته شيء لا يحزن عليه، هذا جيد ولكن الامتحان في الشق الثاني وهو الامتحان الأصعب : ( ولا تفرحوا بما آتاكم ).
إن الإنسان إذا كسب مبلغاً كبيراً عليه أن لا يفرح ؛ لأنه لا يعلم هل ما ربحه لصالحه أم لا ؟ فلعلّ هذا الربح هو استدراج له ( قل بفضل الله ورحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون ) .
إن الأمير (عليه السلام) يعطينا نتيجة الحرص على الدنيا حيث يقول: (وإن حرص الحريص على عاجل زهرة الدنيا، لا يزيده فيها وإن حرص) فبعض الناس يتكالب على منصب أو على ربح؛ أي يلهث وراء الدنيا، ولكن الدنيا تهرب منه ! .
إن نفسية الإنسان متحولة ، وهو قد يعيش الذبذبة في حياته في حب الدنيا تارة وفي الزهد فيها تارة أخرى، وهذا ليس نفاقاً ؛ فلكي يبقى الإنسان وتيرة الصلاح في باطنه مستمرة عليه أن يحول المخزون العلمي الذي يكسبه إلى حركة في الحياة .
إن من يعفي نفسه من السير إلى الله تعالى ، هذا المعنى هو أول الفشل وأول الكارثة ؛ فالقرآن الكريم يرفع من مستوى توقعات رب العالمين بالنسبة لنا حيث يقول ( اتّقوا الله حق تقاته ) إنه معنى ضخم وعظيم ، أي يجب أن لا تترك مساحة في الحياة إلاّ وتجعل لها لوناً وصبغة إلهية.
إنّ المؤمن إذا ضيقت عليه الدنيا لا يحزن ، لأن البلاء تحفة الله تعالى له ، وهذا الضّيق يعينه للزّهد في حطام الدنيا والرغبة في دار السلام والشّوق إلى ما عند الله عزّ وجل من الكرامة ، كما في مضمون الخبر عن أمير المؤمنين (عليه السلام).
أنظر أيضا:
حقيقة الزهد والتزهد
مفهوم الزهد