تأملات في سورة الكوثر (1)
إن سورة الكوثر من أقصر السور القرآنية ، إلا انها لاتختلف في سبكها عن باقي السور الطوال فيشملها التحدي المذكور في القرآن (قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ).
إن استعمال ضمير المتكلم بصيغة الجمع هي مفتتح أربع سور قرآنية ( إنا فتحنا لك فتحا مبينا )، ( إنا أرسلنا نوحاً )، (إنا أنزلناه في ليلة القدر) (إنا أعطيناك الكوثر) ولايخفى الترابط رسالة أولي العزم، والكتاب الإلهي الخاتم ،والعترة المعادلة للكتاب ، والظفر الخارجي الضامن لنجاح الدعوة.
إن هذه السورة -على قصرها – خاطبت النبي (صلى الله عليه وآله) خمس مرات بضمير الخطاب الظاهر ( لِربَكَ ) والمستتر ( وانحر ) فكأن محور السورة هو النبي (صلى الله عليه وآله).
إن السيدة الزهراء (عليها السلام) هي النعمة والعطية الإلهية العظمى التي ترضي النبي (صلى الله عليه وآله)، وهي سبب امتداد الخط الرسالي فالأوصياء من ولدها ، وهي بعد محطة الشفاعة في عرصات القيامة.
إن رسولنا الكريم عندما أنعم الله عليه بفتح مكة أمر بالتسبيح (فسبح بحمد ربك واستغفره) ولكن عندما أنعم عليه بنعمة (الكوثر) أمره (فصلِّ) بما في الصلاة من تسبيح وتحميد وزيادة، لما لهذا الكوثر من شأن في هداية الناس ودخولهم في دين الله عز وجل في كل عصر.
إن الفخر الرازي في تفسيره ، يرى أن (الكوثر) هم ذرية النبي (ص) الباقون على مر الزمان : فانظر كم قتل من أهل البيت (عليهم السلام)، ثم العالم ممتلئ منهم ومن أكابرهم (كالباقر والصادق والكاظم والرضا وأمثالهم)، ولم يبق من بني أمية في الدنيا أحدٌ يعبأ به!
أنظر أيضا:
امتداد كوثر النبوة – الشيخ حبيب الكاظمي
لمحات من القرآن – فضل سورة الكوثر