السيدة الزهراء مقياس الرضا الإلهي
إنَّ الله عزَّ وجلَّ قدَّر للسيِّدة فاطمة الزهراء (سلام الله عليها) أن تعيـش في هذه الدنيا سنـوات قصيـرة ، فلو فرضنا أنَّ الله تعالـى قدَّر لها عمراً أكثر، فكم ستصلنا حينئذ مـن النِّعم والبركات الفاطميّة.. !
مما يُلفت النَّظر، أنَّ روايات السيدة الزهراء (سلام الله عليها) رغم عدم كثرتها قياساً إلى روايات الإمامين الباقر والصادق (سلام الله عليهما) ولكن هذا القليل من رواياتها نجد فيه الكثير مـن مواضع التأمُّل والاعتبار.. !
البعض يلتزم بصلاة الليل ويحضر صلاة الجماعـة وغير ذلك من أعمال البـر، ويتوقَّع أن تُفتَّـح له كنوز الأرض، وتُقضى له كل حاجة يطلبها من الله سبحانـه وتعالى.. ولكن هذا التوقُّع في غير محله.
بعض النَّاس عندما لا يجد في بيته فراشاً مُميَّزاً أو أثاثاً مناسباً، يرى أنَّ هـذا الأمر كارثة لا يُمكن تحمّلها.. فأين نحن من بيت علي عليه السلام والسيدة الزهراء سلام الله عليها، ذلك البيت الذي أصابته الشدَّة ، ولم يجدا فيه طعاماً يأكلانه ، رغم أنهما أفضل الخلق بعد النَّبي (صلى الله عليه وآله).. !
إنَّ درجات التحمُّل والصبر على مكاره الدنيا وشدائدها التي تحمَّلها أهل البيت سلام الله عليهم لا يُمكن لأحد مثلنا أنْ يتحمَّلها.. إذ روي عن السيِّدة الزهراء (سلام الله عليها) أنَّها أتت رسول الله (صلى الله عليه وآله) ليـلاً فقالت (سلام الله عليها):
((يا رسـول الله، ما طعـام الملائكة عنـد ربهـا؟ فقـال: التحميد، فقالت: ما طعامنا؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): والذي نفسي بيده، ما اقتبس في آل مُحمَّد شهراً ناراً)).
إنَّ السيدة الزهراء (سلام الله عليها) ذهبت إلى أبيهـا المُصطفى (صلى الله عليه وآله) وطلبت منـه أن يُعينهـا؛ إذ لم تجد هي وعلي عليهما السلام في بيتهما طعاماً يأكلانه، ولكن النَّبي (صلى الله عليه وآله) لم يُعطيهـا ما طلبـت وكذا لم يُعطيها مـالاً، بل قال لها:
((أعلمك خمس كلمـات علمنيهـنَّ جبرئيـل عليه السلام ، قالـت: يـا رسول الله، مـا الخمس الكلمـات؟ قال: يا ربَّ الأوَّليـن والآخرين، يا ذا القوَّة المتين، ويا راحم المساكين، ويا أرحم الراحمين))، فقبلت السيِّدة الزهراء (سلام الله عليها) بذلك وسُرَّت به ورضيت.
إنَّ أمير المؤمنين عليه السلام لم يقل في حياته لأيّ امرأة ( بأبي وأمي ) إلاَّ السيدة الزهراء (سلام الله عليها) عندما رجعت من أبيها(صلى الله عليه وآله) رغم عظم شأن ومقام أبي طالب وفاطمة بنت أسد عليها السلام فالسيِّدة الزهراء (سلام الله عليها) معصومة وصدِّيقة كبرى ومقامها عظيم عند الله تعالى.
من أهم الدروس العمليَّة المُستفادة من رواية ذهاب السيدة الزهراء (سلام الله عليها) إلى أبيها ورجوعها راضية بتعليم النَّبـي (صلى الله عليه وآله) إياها خمس كلمات: أنَّ المؤمن كلمَّا زيد فيإيمانه زيد في بلائه، وإذا أصابته شِدَّة سأل الله تعالى أن يُفرِّجها عنه، وربما طلب أمراً ولم يُعطه، ولكنَّ الله سوف يعوِّضه بما فيه خير الدنيا والآخرة.
أنظر إليها:
في رحاب السيدة الزهراء عليها السلام
لماذا سميت فاطمة الزهراء (ع) المحدثة ؟