في رحاب سورة مريم – الشيخ حبيب الكاظمي
- إن السيدة مريم كانت (كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقًا) كلمة (كُلَّمَا) تدل على التكرار والدوام، وكلمة (رِزْقًا) مع تنوين وتنكير تدل على التعميم والشمول عن ما هو هذا الزرق؟ البعض يقول أنه فاكهة لكن لا ندري لعله كان طائراً مشوياً، المهم أنه طعامٌ من الجنة.
- زكريا عليه السلام رغم أنه نبي من أنبياء الله تعجب من الزرق الذي يأتي لمريم، إذ (قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ)، إن كان طعام مريم من الجنة أي أن غذائها البدني منزل من عند الله، فكيف بطعامها الروحي، فمريم عليها السلام كان علمها لدني أي (مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ).
- إن زكريا عليه السلام لم يكن له ولد وكان قد بلغ هو وزوجته سن اليأس، ولم يكن يدعوا الله بان يرزقه ذرية ليس تكبراً على الله لكن من شدة الحياء كان يستحيي أن يطلب ذلك مباشرة ولكن عندما رأى العجب من قدرة الله فـ(هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء)
- إن مريم عليها السلام تمنت الموت لأنها حملت بدون أب لجنينها، وقد تؤاخذ على هذا التمني لأنه قد يكون اعتراض على حكم الله تعالى، ولكن مريم عليها السلام لم يكن هذا مقصدها إنما خافت هي على سمعة الدين، فمريم التي هي تربية زكريا وقضت حياتها عابدة في بيت المقدس تأتي وهي تحمل على يدها ولد بلا أب! (فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا).
- (فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلاَّ تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا * وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا) من العجيب أن مريم عندما كانت في المحراب كأن يأتيها الرزق والآن عندما ولدت بعيسى روح الله يطلب منها أ تسعى هي لجلب رزقها؟! (وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ…). والسر في ذلك أن مريم في المحراب لم يكن بقلبها غير الله أما الآن فشاركه في محبته عيسى عليه السلام، فرغم أنها ولدت برسول وهذا الرسول هو من روح الله إلا أن الله لا يقبل معه شريك أبداً.