الاستعداد لما بعد الموت
من يفكر في إعمار حياته الدنيوية وتطويرها، فعليه أن يفكر أيضا في إعمار حياته البرزخية والأخروية، سيما وأن الدنيا عمل ولا حساب، والآخرة حساب ولا عمل.
من كان يريد الاتعاظ، ولينم في قبر جاهز ومحفور، فإن لم تطاوعه نفسه من شدة الخوف، فليدخل على الأقل رأسه في ذلك القبر، وحينئذ سوف يعيش مشاعر خاصة ولحظات تبقى ملازمة معه إلى آخر عمره..فإن كان الإنسان لا يتحمل هذا الأمر البسيط وهو حي يرزق، فكيف به إذا أدخل جسده كله داخل القبر وأغلق عليه، وجرى عليه ما جرى في ذلك العالم..؟!
من غير اللائق أن يدخل أحدنا إلى المقبرة وهو يمزح ويقهقه.وفي منتهى اللؤم والشقاوة أن يكون الإنسان في المقبرة والجنازة تشيع أمامه، وهو ينظر إلى النساء المشيعات بنظرة مريبة، يا لها من شقاوة..!
من يرى الموت حقيقة ماثلة أمام عينيه ينضبط في سلوكه وتكون حياته مبرمجة باتجاه التكامل، ويا لها من مزية..!
البعض لا يتمنى الموت ويستوحش من ذكره؛ لأنه لم يستعد له، أما من صفى حسابه مع الخالق والخلق، فإنه يرى الموت رحلة ممتعة طيبة لا وحشة فيها.
كم من الجميل أن يعتمد الإنسان كتيبا صغيرا، يدون فيه وصيته الشرعية وكتابة الثلث وحقوق الآخرين عليه؛ فإن ذلك من أفضل الطرق لتصفية الحساب، وأن كتابة الوصية تطيل عمر الإنسان كما ورد في أحاديث أهل البيت عليهم السلام.