قصة الوليد بن المغيرة مع النبي الأكرم صلى الله عليه وآله د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
(ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا * وَجَعَلْتُ لَهُ مَالا مَّمْدُودًا * وَبَنِينَ شُهُودًا)
هذه الآيات نزلت في الوليد بن المغيرة ، وكان شيخاً كبيراً مجرباً ، من دهاة العرب ، وكان من المستهزئين برسول الله (صلى الله عليه واله)، وكان رسول الله (صلى الله عليه واله) يقعد في الحجرة ويقرأ القرآن ، فاجتمعت قريش الى الوليد بن المغيرة ، فقالوا : يا أبا عبد شمس ، ما هذا الذي يقول محمد ، أشعر هو أم كهانة أم خطب؟ فقال : دعوني أسمع كلامه ، فدنا من رسول الله (صلى الله عليه واله) فقال : يا محمد ، أنشدني من شعرك ، قال : ما هو شعر ، ولكن كلام الله الذي ارتضاه لملائكته وأنبيائه ورسله ، فقال : اتل علي منه شيئاً ، فقرأ عليه رسول الله (صلى الله عليه واله) حم السجدة ، فلما بلغ قوله : {فإن أعرضوا} يعني قريشاً {فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ} فاقشعر الوليد، وقامت كل شعرة على رأسه ولحيته ومر إلى بيته ، ولم يرجع إلى قريش من ذلك ، فمشوا إلى أبي جهل ، فقالوا : يا أبا الحكم ، إن أبا عبد شمس صبا إلى دين محمد ، أما تراه لم يرجع إلينا؟
فغدا أبو جهل إلى الوليد ، فقال له يا عم ، نكست رؤوسنا وفضحتنا ، وأشمت بنا عدونا، وصبوت إلى دين محمد! فقال : ما صبوت إلى دينه ، ولكني سمعت منه كلاماً صعباً تقشعر منه الجلود ، فقال له أبو جهل : أخطب هو؟ قال : لا ، إن الخطب كلام متصل ، وهذا الكلام منثور ، ولا يشبه بعضه بعضاً ، قال : فشعر هو؟ قال : لا ، أما إني قد سمعت أشعار العرب ، بسيطها ومديدها ، ورملها ورجزها ، وما هو بشعر ، قال : فما هو؟ قال: دعني أفكر فيه ، فلما كان من الغد قالوا له : يا أبا عبد شمس ، ما تقول فيما قلنا؟ قال : قولوا : هو سحر ، فإنه آخذ بقلوب الناس ، فأنزل الله عزوجل على رسوله في ذلك : {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا}.