أوقات الدعاء وأسباب استجابته – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
الدعاء هو صلة العبد بربه، وسر من أسرار التقرب إلى الله. إنه الوسيلة التي يلجأ بها الإنسان لدفع المكروه وجلب المحبوب، وقد ورد في الحديث الشريف: “الدعاء مخ العبادة”. لكن الدعاء ليست له استجابة مطلقة في كل وقت وحالة؛ هناك أوقات ومواقف تجعل الدعاء أقرب إلى القبول، وأخرى تمنع استجابته.
مفهوم الدعاء وأهميته
الدعاء وسيلة يلجأ إليها الإنسان للتعبير عن حاجاته وأمانيه، وهو تجلٍّ لافتقار العبد إلى خالقه. مع ذلك، فإن للدعاء شروطًا وأوقاتًا وأسبابًا للاستجابة، حيث لا يُطلب الدعاء في كل أمر، بل يجب أن يُرافقه العمل بالأسباب التي سنّها الله عز وجل.
أوقات استجابة الدعاء
اختيار الوقت المناسب للدعاء يزيد من احتمالية استجابته. ومن أفضل الأوقات التي وردت في النصوص الشرعية:
- وقت السحر: قبل الفجر، حيث يكون الله أقرب إلى عباده.
- بعد الصلوات المكتوبة: أوقات مباركة تكون فيها القلوب خاشعة.
- يوم الجمعة: حيث توجد ساعة يُستجاب فيها الدعاء.
- أيام عرفة ورمضان: مواسم للبركة والمغفرة.
موانع استجابة الدعاء
هناك مواقف وأسباب تجعل الدعاء غير مستجاب، ومنها:
1. الدعاء في الأمور المقدورة عليها
لا يُطلب الدعاء لتحقيق أمور تقع ضمن قدرة الإنسان الطبيعية. على المسلم أن يسعى ويعمل بالأسباب التي أتاحها الله بدل الاكتفاء بالدعاء.
2. الدعاء مع انتفاء الحكمة
ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام) ذكر خمسة أصناف من الناس لا يُستجاب لهم الدعاء، منهم:
- رجل يتحكم في أمر طلاق زوجته: ومع ذلك، يدعو الله لحل مشكلته، بينما بإمكانه اتخاذ قرار الطلاق مع الالتزام بحقوق الزوجة.
- الرجل الذواق المطلاق: الذي يكثر الزواج والطلاق لأسباب غير جوهرية.
- رجل أهمل بيع مملوكه ثلاث مرات: رغم قدرته على التصرف.
3. عدم الحذر من المهالك
الدعاء لا يغني عن توخي الحذر والعمل على تجنب المخاطر. كالرجل الذي يسير تحت جدار مائل دون أن يسرع، فيتعرض للسقوط، ثم يدعو الله لإنقاذه.
أسباب استجابة الدعاء
لضمان استجابة الدعاء، يجب مراعاة بعض الأمور:
- الإخلاص لله في الدعاء: أن يكون الدعاء موجهًا لله وحده دون رياء.
- حسن الظن بالله: الإيمان بأن الله سيستجيب في الوقت المناسب.
- الالتزام بأوامر الله واجتناب نواهيه: لأن المعاصي تمنع الاستجابة.
- الدعاء بإلحاح وتكرار: كما فعل نبي الله زكريا عندما قال: “قال رب إني وهن العظم مني واشتعل الرأس شيبًا ولم أكن بدعائك رب شقيًا” (مريم: 4).
الخاتمة
الدعاء عبادة عظيمة تجمع بين التذلل لله والعمل بالأسباب. على المسلم أن يلتزم بالأوقات المناسبة ويبتعد عن المواقف التي قد تمنع الاستجابة، مع يقين تام أن الله يستجيب لعباده إذا توفرت شروط الدعاء.
