دروس من قصة السيد المسيح عليه السلام – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
(قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِّنَ السَّمَاء تَكُونُ لَنَا عِيداً لِّأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِّنكَ وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ)
القرآن الكريم أعتمد أسلوب القصص في آياته لما لها من تأثير على تربية الفرد والمجتمع المسلم، وقد ذكر السيد المسيح عليه السلام في عدة مواضع من آياته لأن في سيرته الحياتية من حين ولادته إلى حين رفعه إلى السماء العديد من الفوائد والناكات الأخلاقية والتربوية.
قد نسب الله تعالى في السيد المسيح إلى أمه السيدة مريم عليهما السلام لسببين، الأول أنه جرت العادة عند العرب وغيرهم أن ينسب الولد إلى أبيه، إلا أن القرآن يريد أن يشير لنا أن الله وإن كانت قد جرت سنته على أن يوجد خلقه من ذكر وأنثى إلا أنه قادر على أن يوجد خلقاً من دون أب وأم، أو من أب دون أم، أو من أم دون أب، (وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ).
والسبب الثاني أن الله يريد أن يشر إلى الدور العظيم للأم، فالأم هي من تحمل أعباء الحمل والولادة والرضاعة وتربية الطفل حتى يشتد عوده، أما الأب فدورة يأتي بالدور الأول بالتربية الصالحة لولده ثم بالإنفاق عليه.
ولذا روي عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال: يا رسول الله من أبر؟ قال: أمك قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال:أباك.
إن عسيى بن مريم طلب من الله تعالى أن ينزل مائدة على أنصاره لأنهم كانوا قد طلبوا منه هذه المعجزة، فهم يعلمون أن الله تعالى كان ينزل الطعام على أمه مريم عليها السلام (كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا)، ولذلك طلبوا منه تلك المعجزة.
ولأن الله أنزل عليهم مائدة تشبع بطونهم جعلوا من هذه المناسبة عيداً، بمنا الله أنزل على المسلمين مائدة تشبع عقولهم وهذه المائدة كانت بتمام الديم وإكمال النعمة حيث قال: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا)، فأليس حق على المسلمين أن يتخذوا من هذا اليوم عيداً؟!.
