النبوة والإمامة في القرآن – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
(وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ)
إن كثير من المفسرين بسبب الجهل بمعاني بعض الآيات تارة أو بسبب الميول النفسية أو المذهبية أو السياسية تجده يحرف معنى آية قد لا تتناسب مع أهوائه وأهواء حاكميه، ومن تلك الآيات التي حرفت عن مقاصدها هذه الآية.
الله سبحانه وتعالى عرض نبيه إبراهيم عليه السلام لعدة ابتلاءات، وهي عندما رمي في النار ثم إخراجه من بلده ومن ثم تركه لذريته بواد غير ذي زرع، وأصعبها أمر الله تعالى له بذبح ولده إسماعيل عليه السلام، وجميع كل تلك الابتلاءات تجاوزها بالصبر والطاعة والتسليم المطلق لله عز وجل.
وبعد أن تجاوز تلك الابتلاءات أعطاه الله تعالى مقاليد الإمامة، ومن هذه الآية نستدل على أن الإمامة الإلهية لا تكون إلا بالتنصيب من الله عز وجل، إلا أن المذاهب الإسلامية الأخرى أضافت على أن الإمامة بالتنصيب بطرق أخرى وهي:
الغلبة بالقهر، أي إذا استولى أحدهم على الخلافة بالقتال والسيف فليس لأحد أن يتخلف عن بيعته، والثاني باختيار أهل الحل والقعد، أي ينتخب أهل الحل والعقد من يرونه يصلح لمنصب الخلافة، والأخير بالتوريث أي الخليفة الذي استولى على الحكم بالانتخاب أو بالجبر وقام بتعيين وريث لحكمه فيجب على الأمة بيعته.
ولكن المذاهب الإسلامية الأخرى من حيث أنهم ينفون حصر الإمامة بالنص والتنصيب الإلهي إلا أنهم يثبتونها من جهة أخرى، فهم يحتجون على الأمة أن النبي صلى الله عليه وآله نصب الخليفة الأول على الأمة عندما كما يدعون أنه خلفه على صلاة الجماعة، فقالوا أنه طالما استخلفه على الدين فمن باب أولى استخلافه على الدنيا.
ثم قال تعالى (قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) ويستدل بهذا المقطع على أن النبوة غير الإمامة، فالنبوة هي وحي من الله تعالى ينزله على عبد من عباده والرسالة هي تبليغ رسالة الله إلى الناس، أما الإمامة فهي قيادة الأمة وفق تلك الأوامر الإلهية التي أمر الأنبياء والرسل بتبليغها.
