خطبة الإمام علي ع :
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضَ وَ جَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَ النُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ لا نُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئا وَ لا نَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ وَلِيّا وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَ مَا فِي الْأَرْضِ وَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَ هُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَ مَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَ مَا يَعْرُجُ فِيهَا وَ هُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ كَذَلِكَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي يُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلا بِإِذْنِهِ إِنْ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ اللَّهُمَّ ارْحَمْنَا بِرَحْمَتِكَ وَ اعْمُمْنَا بِمَغْفِرَتِكَ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لا مَقْنُوطٌ مِنْ رَحْمَتِهِ لا مَخْلُوٌّ مِنْ نِعْمَتِهِ،
وَ لا مُؤْيَسٌ مِنْ رَوْحِهِ وَ لا مُسْتَنْكِفٌ [مُسْتَنْكَفٌ ] عَنْ عِبَادَتِهِ [الَّذِي ] بِكَلِمَتِهِ قَامَتِ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَ اسْتَقَرَّتِ الْأَرْضُ الْمِهَادُ وَ ثَبَتَتِ الْجِبَالُ الرَّوَاسِي وَ جَرَتِ الرِّيَاحُ اللَّوَاقِحُ وَ سَارَ فِي جَوِّ السَّمَاءِ السَّحَابُ وَ قَامَتْ عَلَى حُدُودِهَا الْبِحَارُ وَ هُوَ إِلَهٌ لَهَا وَ قَاهِرٌ يَذِلُّ لَهُ الْمُتَعَزِّزُونَ وَ يَتَضَاءَلُ لَهُ الْمُتَكَبِّرُونَ وَ يَدِينُ لَهُ طَوْعاً وَ كَرْهاً الْعَالَمُونَ نَحْمَدُهُ كَمَا حَمِدَ نَفْسَهُ وَ كَمَا هُوَ أَهْلُهُ وَ نَسْتَعِينُهُ وَ نَسْتَغْفِرُهُ وَ نَسْتَهْدِيهِ وَ نَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ يَعْلَمُ مَا تُخْفِي النُّفُوسُ وَ مَا تُجِنُّ الْبِحَارُ وَ مَا تَوَارَى مِنْهُ ظُلْمَةٌ وَ لا تَغِيبُ عَنْهُ غَائِبَةٌ وَ مَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ مِنْ شَجَرَةٍ وَ لا حَبَّةٍ فِي ظُلْمَةٍ إِلا يَعْلَمُهَا لا إِلَهَ إِلا هُوَ ،
وَ لا رَطْبٍ وَ لا يَابِسٍ إِلا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ وَ يَعْلَمُ مَا يَعْمَلُ الْعَامِلُونَ وَ أَيَّ مَجْرًى يَجْرُونَ وَ إِلَى أَيِّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ وَ نَسْتَهْدِي اللَّهَ بِالْهُدَى وَ نَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدا عَبْدُهُ وَ نَبِيُّهُ وَ رَسُولُهُ إِلَى خَلْقِهِ وَ أَمِينُهُ عَلَى وَحْيِهِ وَ أَنَّهُ قَدْ بَلَّغَ رِسَالاتِ رَبِّهِ وَ جَاهَدَ فِي اللَّهِ الْحَائِدِينَ عَنْهُ الْعَادِلِينَ بِهِ وَ عَبَدَ اللَّهَ حَتَّى أَتَاهُ الْيَقِينُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ [وَ سَلَّمَ ] أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ الَّذِي لا تَبْرَحُ مِنْهُ نِعْمَةٌ وَ لا تَنْفَدُ مِنْهُ رَحْمَةٌ وَ لا يَسْتَغْنِي الْعِبَادُ عَنْهُ وَ لا يَجْزِي أَنْعُمَهُ الْأَعْمَالُ الَّذِي رَغَّبَ فِي التَّقْوَى وَ زَهَّدَ فِي الدُّنْيَا وَ حَذَّرَ الْمَعَاصِيَ وَ تَعَزَّزَ بِالْبَقَاءِ وَ ذَلَّلَ خَلْقَهُ بِالْمَوْتِ وَ الْفَنَاءِ وَ الْمَوْتُ غَايَةُ الْمَخْلُوقِينَ،
وَ سَبِيلُ الْعَالَمِينَ وَ مَعْقُودٌ بِنَوَاصِي الْبَاقِينَ لا يُعْجِزُهُ إِبَاقُ الْهَارِبِينَ وَ عِنْدَ حُلُولِهِ يَأْسِرُ أَهْلَ الْهَوَى يَهْدِمُ كُلَّ لَذَّةٍ وَ يُزِيلُ كُلَّ نِعْمَةٍ وَ يَقْطَعُ كُلَّ بَهْجَةٍ وَ الدُّنْيَا دَارٌ كَتَبَ اللَّهُ لَهَا الْفَنَاءَ وَ لِأَهْلِهَا مِنْهَا الْجَلاءَ فَأَكْثَرُهُمْ يَنْوِي بَقَاءَهَا وَ يُعَظِّمُ بِنَاءَهَا وَ هِيَ حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ قَدْ عُجِّلَتْ لِلطَّالِبِ وَ الْتَبَسَتْ بِقَلْبِ النَّاظِرِ وَ يُضْنِي ذُو [تُضْنِي ذَا] الثَّرْوَةِ الضَّعِيفَ وَ يَجْتَوِيهَا [يَحْتَوِيهَا] الْخَائِفُ الْوَجِلُ فَارْتَحِلُوا مِنْهَا يَرْحَمُكُمُ اللَّهُ بِأَحْسَنِ مَا بِحَضْرَتِكُمْ وَ لا تَطْلُبُوا مِنْهَا أَكْثَرَ مِنَ الْقَلِيلِ وَ لا تَسْأَلُوا مِنْهَا فَوْقَ الْكَفَافِ وَ ارْضَوْا مِنْهَا بِالْيَسِيرِ وَ لا تَمُدُّنَّ أَعْيُنَكُمْ مِنْهَا إِلَى مَا مُتِّعَ الْمُتْرَفُونَ بِهِ وَ اسْتَهِينُوا بِهَا وَ لا تُوَطِّنُوهَا وَ أَضِرُّوا بِأَنْفُسِكُمْ فِيهَا وَ إِيَّاكُمْ وَ التَّنَعُّمَ وَ التَّلَهِّيَ وَ الْفَاكِهَاتِ،
فَإِنَّ فِي ذَلِكَ غَفْلَةً وَ اغْتِرَارا أَلا إِنَّ الدُّنْيَا قَدْ تَنَكَّرَتْ وَ أَدْبَرَتْ وَ احْلَوْلَتْ وَ آذَنَتْ بِوَدَاعٍ أَلا وَ إِنَّ الْآخِرَةَ قَدْ رَحَلَتْ فَأَقْبَلَتْ وَ أَشْرَفَتْ وَ آذَنَتْ بِاطِّلاعٍ أَلا وَ إِنَّ الْمِضْمَارَ الْيَوْمَ وَ السِّبَاقَ غَدا أَلا وَ إِنَّ السُّبْقَةَ الْجَنَّةُ وَ الْغَايَةَ النَّارُ أَلا أَ فَلا تَائِبٌ مِنْ خَطِيئَتِهِ قَبْلَ يَوْمِ مَنِيَّتِهِ أَ لا عَامِلٌ لِنَفْسِهِ قَبْلَ يَوْمِ بُؤْسِهِ وَ فَقْرِهِ جَعَلَنَا اللَّهُ وَ إِيَّاكُمْ مِمَّنْ يَخَافُهُ وَ يَرْجُو ثَوَابَهُ أَلا إِنَّ هَذَا الْيَوْمَ يَوْمٌ جَعَلَهُ اللَّهُ لَكُمْ عِيدا وَ جَعَلَكُمْ لَهُ أَهْلا فَاذْكُرُوا اللَّهَ يَذْكُرْكُمْ وَ ادْعُوهُ يَسْتَجِبْ لَكُمْ وَ أَدُّوا فِطْرَتَكُمْ فَإِنَّهَا سُنَّةُ نَبِيِّكُمْ وَ فَرِيضَةٌ وَاجِبَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَلْيُؤَدِّهَا كُلُّ امْرِئٍ مِنْكُمْ عَنْ نَفْسِهِ وَ عَنْ عِيَالِهِ كُلِّهِمْ ذَكَرِهِمْ وَ أُنْثَاهُمْ وَ صَغِيرِهِمْ وَ كَبِيرِهِمْ ،
وَ حُرِّهِمْ وَ مَمْلُوكِهِمْ عَنْ كُلِّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ صَاعا مِنْ بُرٍّ أَوْ صَاعا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعا مِنْ شَعِيرٍ وَ أَطِيعُوا اللَّهَ فِيمَا فَرَضَ عَلَيْكُمْ وَ أَمَرَكُمْ بِهِ مِنْ إِقَامِ الصَّلاةِ وَ إِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَ حِجِّ الْبَيْتِ وَ صَوْمِ شَهْرِ رَمَضَانَ وَ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَ النَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ الْإِحْسَانِ إِلَى نِسَائِكُمْ وَ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَ أَطِيعُوا اللَّهَ فِيمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ مِنْ قَذْفِ الْمُحْصَنَةِ وَ إِتْيَانِ الْفَاحِشَةِ وَ شُرْبِ الْخَمْرِ وَ بَخْسِ الْمِكْيَالِ وَ نَقْصِ الْمِيزَانِ وَ شَهَادَةِ الزُّورِ وَ الْفِرَارِ مِنَ الزَّحْفِ عَصَمَنَا اللَّهُ وَ إِيَّاكُمْ بِالتَّقْوَى وَ جَعَلَ الْآخِرَةَ خَيْرا لَنَا وَ لَكُمْ مِنَ الْأُولَى إِنَّ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ وَ أَبْلَغَ مَوْعِظَةِ الْمُتَّقِينَ كِتَابُ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَ لَمْ يُولَدْ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوا أَحَدٌ.
الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَ نَسْتَعِينُهُ وَ نُؤْمِنُ بِهِ وَ نَتَوَكَّلُ عَلَيْهِ وَ نَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَ أَنَّ مُحَمَّدا عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَ سَلامُهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ مَغْفِرَتُهُ وَ رِضْوَانُهُ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَ رَسُولِكَ وَ نَبِيِّكَ صَلاةً نَامِيَةً زَاكِيَةً تَرْفَعُ بِهَا دَرَجَتَهُ وَ تُبَيِّنُ بِهَا فَضْلَهُ وَ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ وَ بَارَكْتَ وَ تَرَحَّمْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَ آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.
اللَّهُمَّ عَذِّبْ كَفَرَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِكَ وَ يَجْحَدُونَ آيَاتِكَ وَ يُكَذِّبُونَ رُسُلَكَ اللَّهُمَّ خَالِفْ بَيْنَ كَلِمَتِهِمْ وَ أَلْقِ الرُّعْبَ فِي قُلُوبِهِمْ وَ أَنْزِلْ عَلَيْهِمْ رِجْزَكَ وَ نِقْمَتَكَ وَ بَأْسَكَ الَّذِي لا تَرُدُّهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ اللَّهُمَّ انْصُرْ جُيُوشَ الْمُسْلِمِينَ وَ سَرَايَاهُمْ وَ مُرَابِطِيهِمْ فِي مَشَارِقِ الْأَرْضِ وَ مَغَارِبِهَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِنَاتِ وَ الْمُسْلِمِينَ وَ الْمُسْلِمَاتِ اللَّهُمَّ اجْعَلِ التَّقْوَى زَادَهُمْ وَ الْإِيمَانَ وَ الْحِكْمَةَ فِي قُلُوبِهِمْ وَ أَوْزِعْهُمْ أَنْ يَشْكُرُوا نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ،
وَ أَنْ يُوفُوا بِعَهْدِكَ الَّذِي عَاهَدْتَهُمْ عَلَيْهِ إِلَهَ الْحَقِّ وَ خَالِقَ الْخَلْقِ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِمَنْ تُوُفِّيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِنَاتِ وَ الْمُسْلِمِينَ وَ الْمُسْلِمَاتِ وَ لِمَنْ هُوَ لاحِقٌ بِهِمْ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْهُمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَ الْإِحْسَانِ وَ إِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَ يَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَ الْمُنْكَرِ وَ الْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ اذْكُرُوا اللَّهَ يَذْكُرْكُمْ فَإِنَّهُ ذَاكِرٌ لِمَنْ ذَكَرَهُ وَ اسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ رَحْمَتِهِ وَ فَضْلِهِ فَإِنَّهُ لا يَخِيبُ عَلَيْهِ دَاعٍ دَعَاهُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَ فِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَ قِنَا عَذَابَ النَّار.